وقال أيضًا: "الأشعرية قالوا: كلام الله الحقيقي هو معنى قائم في نفسه لا يفارقه، ... وهذه السور والآيات عبارة وحكاية عن كلام الله وتسمى قرآناً، ...
والدليل على أن هذا القرآن يسمى كلام الله قوله تعالى:{وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ}[التوبة:٦]، ولا خلاف أنه أراد حتى يسمع منك هذا القرآن، فإن قبله ودخل في الإسلام فهو منكم، وإلا فأبلغه مأمنه.
ومن الدليل على ذلك أيضاً قوله تعالى:{يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ}[الفتح:١٥].
ومعلوم أن المشركين لا سبيل لهم إلى سماع ما في نفس الله من الكلام ولا إلى تبديله. فتقرر بهذا أن المراد بهذا كله هو القرآن المتلو المسموع.
ويدل على ما قلناه قوله تعالى:{وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ}[البقرة:٧٥]، والمراد بكلام الله في هذه الآية التوراة، ويدل على هذا أن المتلو يسمى كلام الله قوله تعالى:{أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}[يونس:٦٢] الآية إلى قوله تعالى: {لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ}[يونس:٦٤]، أي لا تغيير لما وعد الله أولياءه من كريم ثوابه.