للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

«وكيف؟» ، قال: إن خير رجال لبسوا البُرُد، ووضعوا سيوفهم على عواتقهم، وعرضوا الرماح على مناسج خيولهم، رجال نجد. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كذبت، بل هم أهل اليمن، والإيمان يمان إلى لخْم، وجُذَام، وعامِلَة، ومأكول حمير خيرٌ من أكلها، وحضرموت خير من بني الحارث» وسمى الأقيال الأنكال (١) .

وإسناده صحيح (٢) .

وليس مراد عيينة (رجال نجد) أهل العراق خاصة، إذ هو يتكلم على قبائل معروفة، ولها أماكن معلومة.

وهذا الذي استظهرته معروف عند العلماء، ومن الخطإ العلمي المنهجي إسقاط الحادث الذي لم يعرفه المخاطبون -فضلاً عن المتحاورين كما في الحديث السابق- على أشياء ما دارت في خيالهم، وما سنحت في بالهم، فحصر الفتن في (العرق) ، وكون (الفتن) تهيج منها فحسب، تضييق لا داعي له، وحمل الأحاديث التي فيها (ذكر المشرق) على عمومها أحسن وأظهر وأقوى، إذ حمل النصوص على (التأسيس) مقدم عند العلماء على حملها على (التأكيد) ، والواقع -قديماً وحديثاً- يؤكد ذلك ويؤيده.

ويعجبني بهذا الصدد: تبويب ابن مفلح في «الآداب الشرعية» (٣/٢٨٨-٢٨٩) ، فإنه أورد جملة من ألفاظ الأحاديث التي سقناها في أول هذا الفصل، وبوب عليها (فصل: إشارات نبوية إلى ما يقع من شرق المدينة ويمنها ونجدها) .


(١) (الأقيال) جمع (قَيل) ؛ وهو: الملك من ملوك حمير، يتقَيَّل مَنْ قبْلَه من ملوكهم؛ أي: يشبهه. و (الأنكال) جمع (نَكَل) ؛ وهو: الرجل القوي المجرِّب الشجاع، وتحرف في مطبوع «المعرفة والتاريخ» إلى «الأنفال» !! فليصحح.
(٢) انظر: «مجمع الزوائد» (١٠/٤٣، ٤٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>