للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويوضع عليها الخراج شيئاً مقدراً بالمكاييل والأوزان، وأنه سيمنع في آخر الزمان، وخرج الأمر في ذلك على ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم. وبيان ذلك: ما فعله عمر -رضي الله عنه- بأرض السواد، فوضع على كل جريب عامر أو غامر درهماً وقفيزاً، وقد روي عنه اختلاف في مقدار ما وضعه عليه» انتهى.

ونقلها ابن الجوزي (١) والبُجُمْعَوي (٢) ، وزاد عليها: «قلت: فارتفع في زماننا، فهو من معجزات النبوة» .

فكلمته هذه فيها: «وأنه سيمنع في آخر الزمان» ، ولم يذكر (المانع) ، ولا (سبب المنع) ، بخلاف ما في القول السابق.

ويبقى أن فيه إبهاماً وغموضاً، وذكرَ لازمَ المنع، وأنه يسبقه فتحٌ ووضع.

سادساً: المراد منع هذه البلاد كنوزها من أصحابها، واستيلاء المسلمين عليها، وهذا المنع هو المراد من قوله صلى الله عليه وسلم: «إنّ الله زوى (٣) لي الأرض، فرأيت مشارقها ومغاربها، وإن مُلْكَ أمتي سيبلغ ما زوي لي منها، وأعطيت الكنزين الأحمر والأبيض» (٤) .

قال القاضي عياض في كتابه «إكمال المعلم» (٥) شارحاً الحديث:


(١) في «كشف المشكل من حديث الصحيحين» (٣/٥٦٧) .
(٢) في «درجات مرقاة الصعود» (ص ١٢٨) .
(٣) أي: جُمِعَتْ، يقال: انزوى القومُ وتدانَوْا وتضاموا، قاله المازري في «المعلم بفوائد مسلم» (٣/٢٠٨ - ط. دار الغرب) .
(٤) أخرجه مسلم (٢٨٨٩) من حديث ثوبان -رضي الله عنه- رفعه.
(٥) (٨/٤٢٥-٤٢٦ - ط. دار الوفاء) ، وسيأتي له كلام (ص ٢٥٣) على الحديث مختصر دقيق.
(فائدة مهمة) : أكملَ القاضي عياضٌ في شرحه هذا «المعلم» للمازري، ومعنى (إكماله) أنه ذكر فيه ما فات المازريَّ من مباحثَ مهمّةٍ، وذكر فيه تعقباتٍ واستدراكاتٍ مفيدةً، وإلا فالمازري قد شرح جميع «صحيح مسلم» ولم يبق منه شيء.

<<  <  ج: ص:  >  >>