للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«وهذا الحديث عَلَم من أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم لظهوره كما قال، وأنّ مُلكَ أمته اتسع في المشارق والمغارب، كما أخبر؛ مِن أقصى بحر طنجة (١) ، ومنتهى عمارة المغرب إلى أقصى المشرق، مما وراءَ خراسان والنهر، وكثير من بلاد الهند والسند والصغد (٢) ، ولم يتسعْ ذلك الاتساعَ من جهةِ الجنوب والشمال الذي لم يذكر -عليه السلام- أنه أُرِيَه وأن ملك أمته سيبلغه.

وقوله: «وأعطيت الكنزين الأحمر والأبيض» ظاهره الذهب والفضة، والأشبه أنه أراد كنز كسرى وقيصر وقصورهما وبلادهما؛ يدل على ذلك: قوله في الحديث الآخر عنهما في هلاكهما: «ولتنفق كنوزهما في سبيل الله» (٣) . وقوله في حديث جابر بن سمرة المخرج بعد -: «لتفتحن عصابة من المسلمين كنز آل كسرى الذي بالأبيض» (٤) . فقد بان أن الكنز الأبيض هو كنز كسرى، ويكون الأحمر هو كنز قيصر.

ويدل عليه: ما جاء في حديث آخر في ذكر الشام: «إني لأبصر قصورهما الحمر» (٥) .


(١) هي مدينة على ساحل بحر المغرب مقابل الجزيرة الخضراء من البر الأعظم أو بلاد بربر، بينها وبين «سبتة» مسيرة يوم، وهي آخر حدود أفريقيا من جهة الغرب، وقد وصلها الفتح الإسلامي في العهد الأموي بفتوحات عقبة بن نافع، وطارق بن زياد، وموسى بن نصير، انظر: «مراصد الاطلاع» (٢/٨٩٤) .
(٢) هي قرى متصلة خلال الأشجار والبساتين من سمرقند إلى قريب من بخارى. انظر: «مراصد الاطلاع» (٢/٨٤٢) .
(٣) أخرجه مسلم (٢٩١٨) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- رفعه، ولفظه: «قد مات كسرى فلا كسرى بعده، وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده، والذي نفسي بيده، لتُنْفَقنَّ كنوزهما في سبيل الله» .
(٤) أخرجه مسلم (٢٩١٩) بعد (٧٨) من حديث جابر بن سمرة -رضي الله عنه-رفعه.
(٥) أخرجه أحمد (٤/٣٠٣) ، والنسائي في «الكبرى» (٨٨٧٨) ، وأبو يعلى في «المسند» (١٦٨٥) من حديث البراء بن عازب رفعه، وهو طويل، «غريب، تفرد به ميمون بن أستاذ» . =

<<  <  ج: ص:  >  >>