وداخل كل مسند من المسانيد السابقة يبدأ المؤلف بذكر ما اتفق عليه الإمامان، ثم ما انفرد به البخاري، ثم ما انفرد به مسلم من ذلك المسند. وفي كل قسم من هذه الثلاثة يجعلُ الحميديُّ لكلِّ معنىً حديثاً، وإن اختلف في بعض ألفاظه قليلاً أو كثيراً، سواء أكان ذلك الاختلاف بين الشيخين، أو روايات الشيخ نفسه. أفاده محقق «الجمع بين الصحيحين» الدكتور علي حسين البواب في تقديمه له (١/١١-١٣) . (١) قوله في الموطنين: «أخرج» و «تعليقاً» بينهما تعارض، ويعجبني بهذا الصدد تعقب العلامة المباركفوري في كتابه «إبكار المنن» (ص ٥٨) على النيموي في كتابه «آثار السنن» لما قال: «قال النيموي في عدة مواضع من هذا الكتاب: روى البخاري تعليقاً!! والصواب أن يقول: ذكر البخاري تعليقاً» . وقال -أيضاً- (ص ٦٠) : «والصواب أن يقول النيموي: ذكره البخاري تعليقاً، أو يقول: علقه البخاري، فإنه لا يقال في مثل هذا: رواه البخاري تعليقاً، كما تقدم» . قال أبو عبيدة: تنبيهه هذا مسبوق بما في «نصب الراية» (٢/٤٥٨) عند أثر البخاري المعلق: «كان ابن عمر إذا حج أو اعتمر ... » ، قال الزيلعي: «وجهل من قال: رواه البخاري، وإنما يقال في مثل هذا: ذكره، ولا يقال: رواه» . والتعبير بـ (أخرجه) شائع، كما سبق نقله عن ابن فتوح الحميدي، ومثله وقع لجمعٍ من المحققين، كما تراه عند حديث أبي هريرة: «إذا قرأ فأنصتوا» ، فقد علقه مسلم، وقال ابن تيمية في «الفتاوى» (٢/١٤٢) ، وقبله جده في «المنتقى» (٢/١٠٧) ، وابن قدامة في «المغني» (٢/٢٦١ - ط. هجر) ، وصاحب «المشكاة» (١/٢٦٣) ، قالوا: رواه، بل صنيع الحاكم في «المستدرك» يدل عليه في مواطن عديدة. انظر -مثلاً-: (٣/٥٨) .