للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انحسار الفرات عن (تل) أو (جزيرة) أو (كنز) أو (جبل) -على تعدد الروايات (١) ، وسيأتي -إن شاء الله- بيان ذلك في فصل مستقل بالتفصيل.

بقي التنويهُ على أن للأثر متابعاً للمسعودي في روايته عن القاسم، فقد رواه الأعمش عن القاسم بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن ابن مسعود متصلاً، وهو صحيح، ولفظه:

«شكونا إليه الفرات، وقلة الماء، فقال: يأتي عليكم زمان لا تجدون فيه ملء طست من ماء، ويرجع كل ماء إلى عنصره، ويبقى الماء والمؤمنون بالشام» .

أخرجه الفسوي في «المعرفة والتاريخ» ، ومن طريقه وطريق غيره: ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (١/٣١٤-٣١٥) ، وابن العديم في «بغية الطلب» (١/٥١١) . ونقل ابن عساكر وابن العديم (٢) عن ابن المنادي قوله: «في رواية الأعمش هذه ذكر قلة الماء في الفرات، وفي رواية المسعودي ذكر كثرته فيه، ثم إن الروايتين على الاتفاق؛ أن الفرات يقل ماؤه قلة ضارة بالناس، والله أعلم» .

قلت: وهذا يؤكد أن هذا التحوّل يكون قبل المهدي (٣) ؛ شأنه شأن


(١) ولا تعارض بينها كما سيأتي -إن شاء الله تعالى- في محلِّه.
(٢) قال في «بغية الطلب» (١/٥١٢) على إثر الطريق الأولى: «ففي روايته انقطاعاً، وفي هذه عن القاسم بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن عبد الله بن مسعود متصلاً، ذكر قلّة الماء في الفرات» ، قال: «وفي رواية المسعودي انقطاع ليس بين القاسم وبين ابن مسعود أحد، ذكر كثرة الماء في الفرات» .
ثم نقل مقولة ابن المنادي الآتية، وعلق على إثرها بقوله:
«قلت: ويحتمل أن الاختلاف في الكثرة والقلّة؛ إنما جاء لاختلاف الواقعتين، بأن يكون ماء الفرات مدَّ سنة، ونقص أخرى، فقال عبد الله ما يؤول حاله إليه» .
(٣) إذ حسر الفرات عن جبل من ذهب -وهو ثابت في «الصحيح» ، وسيأتي الكلام عليه رواية ودراية مفصّلاً- قبل ظهور المهدي.

<<  <  ج: ص:  >  >>