للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سلك هذا المسلك (١) .

ورحم الله ابن العربي المالكي، لما قال في «فوائد رحلته» (٢) :

«ومن الباطل (٣) : علم الحروف المقطعة في أوائل السور، وقد تحصل


(١) يعاب عليهم تضخيم هذا المسلك، ومعرفة الغيب من خلاله، وأما وقوع (فلتات) و (لطائف) و (ملح) فهذا شيء يذكر، وهو قليل، ومثاله: تعليق ابن عطية في «المحرر الوجيز» (١/٨٣) عند كلامه على (البسملة) على حديث رفاعة بن مالك الزرقي الذي أخرجه البخاري (١٢٦) وغيره، قال: كنا نصلي وراء النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما رفع رأسه من الركعة، قال: سمع الله لمن حمده. قال رجل وراءه: ربنا لك الحمد حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه. فلما انصرف، قال: من المتكلم؟ قال رجل: أنا. قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «رأيت بضعة وثلاثين ملكاً يبتدرونها، أيُّهم يكتبها أولاً» . قال ابن عطية: فإنها بضعة وثلاثون حرفاً» ، قال: «وهذا من مُلَح التفسير، وليست من متين العلم» .

و (المُلَح) -على حد قول الشاطبي في «الموافقات» (١/١٢١ - بتحقيقي) -: «هي التي تستحسنها العقول، وتستملحها النفوس، إذ ليس يصحبها منفّر، ولا هي مما تعادي العلوم» ، ثم قال: «ومن المعلوم ما ليس من صلبه ولا من مُلَحه» ، وقال مفسراً له (١/١٢١-١٢٢) : «كمثل ما انتحله الباطنية في كتاب الله من إخراجه عن ظاهره، وأن المقصود وراء هذا الظاهر، ولا سبيل إلى نيله بعقل ولا نظر ... واستنادهم في جملة من دعاويهم إلى علم الحروف وعلم النجوم، ولقد اتسع الخرق في الأزمنة المتأخرة على الراقع، فكثُرت الدعاوى على الشريعة بأمثال ما ادعاه الباطنية، حتى آل ذلك إلى ما لا يُعقل على حال، فضلاً عن غير ذلك» . وانظر: «قواعد المقَّري» (٢/٤٠٦) .
قلت: فإن هذا ليس من الصميم، ولا من المُلَح، ويشمل هذا القسم ما ينتحله المؤلفون في (الفتن وأشراط الساعة) ، والهجوم على علم الغيب، دون تثبّت، وستأتيك أمثلة، ومزيد بيان وتأكيد، والله وليّ التوفيق والتسديد.
(٢) فيما نقله عنه السيوطي في «الإتقان» (٣/٣٠) ، و «معترك الأقران» (١/١٥٦) ، ثم ظفرت بعبارته في كتابه «قانون التأويل» (ص ٢٠٨) ، وفيه: «ومن الباطن ... » وهو الصواب، وترتب على هذا التحريف نتائج غير مرضية، انظر أثراً منها في «الإعجاز البياني للقرآن» (١٣٦) لعائشة عبد الرحمن.
(٣) صوابه: «الباطن» . انظر: الهامش السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>