للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يستعينون برؤوس الجبال (١) ، كما كانوا في الجاهلية، وإذن لقام أكثر من عشرة -أو عشرين- رجلاً ليس منهم رجل إلا وهو يدعو إلى نفسه بالخلافة، ومع كل رجل أكثر من عشرة آلاف يقاتل بعضهم بعضاً، ... » .

قال أبو عبيدة: وهذا الذي حصل مع الخوارج من أول تاريخ نشأتهم، فقد قاتل عليٌّ -رضي الله عنه- ذلك العسكر في النهروان، وكاد أنْ يقضي عليهم، وقلعهم من مركزهم (حروراء) ورجعوا إلى (الكوفة) ، وبقيت ثلّة منهم ثارت في الأرض.

قال البغدادي في «الفرق بن الفرق» (ص٦١) :

«وقتلت الخوارج يومئذٍ -أي: يوم النهروان- فلم يفلت منهم غير تسعة أنفس، صار منهم رجلان إلى سجستان، ومن أتباعهما خوارج سجستان، ورجلان صارا إلى اليمن، ومن أتباعهما إباضية اليمن، ورجلان صارا إلى عُمان ومن أتباعهما خوارج عُمان، ورجلان صارا إلى ناحية الجزيرة، من أتباعهما كان خوارج الجزيرة، ورجل منهم صار إلى تل مورون، ثم خرج على علي بعد ذلك من الخوارج جماعة كانوا على رأي المحكمة الأولى، منهم أشرس بن عوف، وخرج عليه بالأنبار، وغلفة التيمي من تيم عدي خرج عليه بماسيذان، والأشهب بن بشر العرني خرج عليه بجرجرايا، وسعد بن قفل خرج عليه بالمدائن، وأبو مريم السعدي خرج عليه في سواد الكوفة، فأخرج علي إلى كل واحد منهم جيشاً مع قائد حتى قتلوا أولئك الخوارج، ثم قتل علي -رضي الله عنه- في تلك السنة في شهر رمضان، سنة ثمان وثلاثين من


= ومن اللطيف أنّ بعضهم -آنذاك- كان ينقل عن شيخنا الألباني وجوب المقاتلة مع العراق، ونشرت ذلك (إذاعة اليهود) ، وقد سأل بعض الجزائريين شيخنا عن ذلك، فأمرهم الشيخ بقوّة أن يتصدوا لذلك (الشاب) المفتي، قال: «كي لا يلحد في الحرمين الشريفين» . انظر: «مدارك النظر» (ص٤١٢) .
(١) وهكذا حصل مع أهل الجزائر في فتنة عمياء، سيأتي ذكر طرف من ذلك، وقانا الله الشرور والمهالك، وجنّبنا الردى، وركوب ما لا يرتضى، وأعاذنا من الهوى.

<<  <  ج: ص:  >  >>