للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الهجرة» .

وباض وفرَّخَ هذا المعسكر في كثير من البلدان، وكانت (العراق) هي مسرح أحداثه، فثار جنده على معاوية في الكوفة، وذلك سنة إحدى وأربعين. وقاموا بعدها بثورات متعددة ما بين سنة (٤١) سنة (٦٤) ، ووقف منهم الولاة الأمويون موفقاً حازماً شديداً، يقول الطبري -مثلاً- في حوادث سنة (٥٨هـ) :

«وفي هذه السنة اشتد عبد الله بن زياد على الخوارج، فقتل منهم صبراً جماعة كثيرة، وفي الحرب جماعة أخرى» (١) ، واشتدت شوكتهم بعد انهيار الدولة الأموية سنة أربع وستين، قال ابن جرير في حوادث سنة (٦٥هـ) : «وفي هذه السنة اشتدت شوكة الخوارج بالبصرة» (٢) . وقتل رئيس الأزارقة منهم: نافع بن الأزرق، وارتحلوا من حينها من نواحي البصرة والأهواز وأوغلوا شرقاً، فانتقلوا إلى أصبهان وكرمان وتمكنوا هناك، وخرجوا سنة اثنتين وسبعين، وغَلَبوا على البحرين (٣) ، ودُحِروا منها في سنة ثلاث وسبعين (٤) ، وخرجوا بعدها مرات عديدة، وبقيت لهم بقية في العراق في عهد الدولة العباسية، وقاموا بعدّة ثورات في خلافة الرشيد، وفي سنة إحدى وثلاثين ومئتين ظهر خارجي ببلاد ربيعة، فقاتله نائب الموصل، فكسره وانهزم أصحابه (٥) ، وانتهى التطواف القلق بهم إلى الاستقرار في أماكن معينة، قال ابن حزم: «ولم يبق اليوم من فرق الخوارج إلا الإباضية والصفرية فقط» (٦) .


(١) «تاريخ الطبري» (٥/٣١٣) .
(٢) «تاريخ الطبري» (٥/٦١٣) .
(٣) انظر: «تاريخ ابن جرير» (٦/١٧٤) .
(٤) انظر: «تاريخ ابن جرير» (٦/١٩٥)
(٥) انظر: «البداية والنهاية» (١٠/٣٠٦) .
(٦) «الفصل في الملل والأهواء والنحل» (٤/١٩٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>