ومن عقيدتنا أن الغيب لا يعلمه إلا الله -سبحانه وتعالى-، ومن أطلعه الله عليه من أنبيائه فيما يوحي إليهم، قال -تعالى-: {فَلاَ يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً. إِلاَّ مَنِ ارْتَضَى مِن رسُولٍ} [الجن: ٢٦-٢٧] ، وقد ثبت عن علي -رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يخصَّه بشيء من دون أصحابه، كما هو ثابت في «صحيح البخاري» (رقم ١١١ و١٨٧٠ و٣١٧٢ و٣١٧٩ و٦٧٥٥ و٦٩٠٣ و٦٩١٥ و٧٣٠٠) من طريق أبي جحيفة السوائي، قال: سألت عليّاً -رضي الله عنه-: هل عندكم شيء مما ليس في القرآن، أو ما ليس عند الناس؟ فقال: «والذي خلق الحبة، وبرأ النسمة؛ ما عندنا إلا ما في القرآن؛ إلا فهماً يعطى رجل في كتابه، وما في هذه الصحيفة. قال: قلت: فما هذه الصحيفة؟ قال: «العقل، وفكاك الأسير، ولا يقتل مسلم بكافر» . قال ابن حجر: «وإنما سأله أبو جحيفة عن ذلك؛ لأن جماعة من الشيعة كانوا يزعمون أن عند أهل البيت -لا سيما عليّاً- أشياء من الوحي خصّهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بها لم يطلع غيرهم عليها» . وقال العيني في «عمدته» (١/١٦١) عن ابن بطال قوله: «فيه ما يقطع بدعة الشيعة والمدعين على علي -رضي الله عنه- أنه الوصي، وأنه المخصوص بعلم من عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يعرفه غيره، حيث قال: ما عنده إلا ما عند الناس من كتاب الله، ثم أحال على الفهم الذي الناس فيه على درجاتهم ولم يخص نفسه بشيء غير ما هو ممكن في غيره» . على أن الكتاب -أي: كتاب «الجفر» - لا تصح نسبته إلى جعفر الصادق -رحمه الله-، والذين نسبوه إليه من أجهل الناس بمعرفة المنقولات والأحاديث والآثار، والتمييز بين صحيحها وضعيفها، وعمدتهم في المنقولات التواريخُ المنقطعةُ الإسناد، وكثير منها من وضع من عُرِف بالكذب والاختلاق، وغير خافٍ على طلبة العلم أن ما لا يعلم إلا من طريق النقل لا يمكن الحكم بثبوته إلا بالرواية الصحيحة السند، فإذا لم توجد؛ فلا يسوغ لنا شرعاً وعقلاً أن نقول بثبوته؛ فكيف إذا نصص العلماء المحققون على كذبه وزوره؛ مثل: ابن تيمية، ومحمد رشيد رضا، وصديق حسن خان -كما تقدم-. إذاً ... فمَنِ الذي يروجُ هذا الكتابَ، وينشرُ ذكره في الناس؟ إنهم مدّعو الغيب ... الجهلة ... الكذّابون على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... المتقوّلون على أئمة العلم ما لم يقولوه ... الشيعة الإمامية ... الطرُقِيُّون ... =