للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الواقعية والمعقولية في النقل والتوقع؛ فهما يغربون في الخيال إلى حدِّ تزييف الخبر وتشويهه، وهم لا يسلمون من الغموض والاضطراب (١) في أحداث الوقائع، أو المعلومات التاريخية، وهذا يجعلهم يخلطون الغثّ بالسمين، ولا يقتصرون على مصادر المعرفة المنهجية، التي تفرض على أصحابها المحافظة على سلامة المعتقد، وصيانة الشريعة من كل إفراط أو تفريط، أو اعوجاج يخرجهم عن جادة الطريق!

وهذه نماذج قليلة، أسوقها لإخواني القراء؛ ليعلموا صنيع علمائنا مع هؤلاء، وتصنيفهم لهم، وحكمهم عليهم؛ ليلحقوا النظير بالنظير، والشبيه بالشبيه:

أخرج الخطيب في «الجامع» (٢/١٦٢ رقم ١٤٩٢) بسنده إلى ابن حبان، قال:

«وجدت في كتاب أَبِي بخطّ يده: قال أبو زكريا -يعني: يحيى بن معين-: كان أبو اليمان يقول لنا: «الحقوا ألواحاً؛ فإنه يجيء ههنا الآن خليفة بسَلَمْيَةَ (٢) ، فيتزوج ابنة هذا القرشي الذي عندنا، ويفتح باب ههنا، وتكون فتنة عظيمة» .

قال أبو زكريا: «فما كان من هذا شيء، وكان كله باطل (٣) ، قال زكريا: «وهذه الأحاديث كلها التي يحدثون بها في الفتن، وفي الخلفاء، تكون كلها كذب (٤) وريح، لا يعلم هذا أحد إلا بوحي من السماء» » .

ثم ذكر بإسناد صحيح عن أحمد بن حنبل يقول: «ثلاثة كتب ليس لها


(١) تقتضي الواقعية الوضوح والسلامة من الغموض والاضطراب. انظر: «في منهج البحث التاريخي» (ص٣٣) ، «نقد الحديث» للعكايلة (ص٩٠-٩١) .
(٢) سَلَمْيَة: بلد معروف بالشام، شرقي مدينة حماة.
(٣) هكذا رسمت في الأصل، ولها وجه صحيح، بأنْ تجعل (كان) تامة؛ بمعنى: (وجد) .
(٤) هكذا رسمت في الأصل، ولها وجه صحيح، بأنْ تجعل (كان) تامة؛ بمعنى: (وجد) .

<<  <  ج: ص:  >  >>