الثالث: أخذت هذه الانقسامات -ولا سيما في أثناء الأحداث- بُعداً خطيراً، وعمت المشكلة، وجعلوه في بعض أشكاله غسيلاً منشوراً في الصحف، وترى نماذج من ذلك في «مجلة المجتمع» (العدد٥٧١) رجب ١٤٠٢هـ الموافق ١٨/٥/١٩٨٢م، وجريدة «اللواء» الأردنية العدد (٤٨٤) بتاريخ ٩/٦/١٩٨٢م. (١) انظر «الثورة الإسلامية الجهادية في سوريا» (١/٦٩، ٩٦-٩٧، ١٠٥، ٢٥٦ وما بعد) ، وعقد الإخوان المسلمون مع حزب البعث العراقي والاشتراكيين العرب والوحدويين الاشتراكيين (تحالفاً وطنيّاً) ، واضطربت (الفتاوى) بشأنه، وتحمس بعضهم فكتب في تلك الأجواء «التحالف السياسي في الإسلام» ، وتحمّس مجموعة من الشباب في بيان حكمه، وكانت (مجموعة محمد سرور) من الرافضين له بقوّة، وأظهروا مجموعة من (الفتاوى) بخصوصه للشيخ ابن باز والألباني و (محمد قطب) ! وهذا نص فَتَوَيِ الشيخين ابن باز والألباني -رحمهما الله تعالى-: فتوى الشيخ العلامة عبد العزيز بن باز السؤال: الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده. سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز: زعم بعض الناس وأشاعوا أنكم أفتيتموهم بجواز التحالف مع الكفار من وطنيين وعروبيين وقوميين واشتراكيين ... فهل يجوز التعاون معهم أو التحالف لإسقاط طاغية، ومن ثم إقامة دولة دينها الإسلام وتقوم على حرية الاعتقاد، وحرية الأحزاب السياسية؟ الإحابة: الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد؛ فلم يصدر مني فتوى في جواز التحالف مع كفرة، سواء كانوا من العرب أو كانوا من العجم، بل الذي صدر مني هو أنه لا يجوز التحالف مع أي كافر ... وإنما سئلت عمن أراد أن يرجع عما هو عليه من النحل الكافرة، وأن يتوب منها وأن يتعاون مع المسلمين في جهاد فئة من الكفرة، ثبوت له لأنّ التائب من الذنب كمن لا ذنب له، من تاب من كفره وشركه وأحب أن يجاهد مع إخوانه المسلمين جهاداً شرعيّاً فلا بأس، التوبة تجبُّ ما قبلها ... أما أن يتحالف مع كافر شيوعي أو يهودي أو نصراني أو أي كافر، فلا يجوز التعاون مع هؤلاء والتحالف معهم؛ لأنه ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أتى إليه في غزوة بدر رجل، فقال: «يا رسول الله! أريد أقاتل معك. قال: أسلمت؟ قال: لا، قال: ارجع فلن أستعين بمشرك» . بيّن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه لا يستعين بالمشركين، في قتال قريش، فهكذا لا يستعان بالمشركين =