للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تركوه أكثر من ذلك فقد عَصَوا الله ورسولَه، واستحقوا العقوبة، وكذلك إذا تقاعدوا حتى يطأ العدوُّ أرضَ الإسلام، والتجربةُ تدل على ذلك؛ فإنه لما كان المسلمون يقصدونهم في تلك البلاد لم يزالوا منصورين، وفي نَوبتَيْ حمص الأولى والثانية لمّا مَكّنُوهم من دخول البلاد كاد المسلمون في تلك النوبةِ أنْ ينكسروا لولا أنْ ثَبَّتَ الله، وجَرى في هذه المدة ما جرى، وما قَصَدَهم المسلمون قَطُّ إلا نُصِروا، كنوبةِ عين جالوت والفرات والروم، ونحن نرجوا أنْ يستأصلهم الله -تعالى-، ولا حول ولا قوة إلا باللَّه؛ فإنّ البشارات متوفّرةٌ على ذلك.

وقد حدثنا أبي -رحمه الله- أنه كان عندهم كتاب عتيق (١) وقف عليه من أكثر من خمسين سنة قبل مجيء التتار إلى بغداد، وهو مكتوب من سنين كثيرة، وفي آخره: «والتتار يُقلِعهم المصريون» ، وقد رأى المسلمون أنواعاً من المبشرات بنصر الله (٢) ، وهذا لا شكّ منه -إن شاء الله-.

وليست هذه النوبة كتلك؛ فإنّ تلك المرة كان فيها أمورٌ لا يليق ذكرُها -عفا الله عنها-، وما فعلَه الله بالمسلمين كان أحمدَ في حقّهم.

ثمَّ لا شك أنّ الله يَنصُر دينَه، وينتقمُ من أعدائه، وقد قال -تعالى-: {وَلَوْ شَاءَ الله لانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبْعَضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ الله فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ. سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ. وَيُدْخِلُهُمُ الجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} [محمد: ٤-٧] .


(١) الحمد لله الذي لم يطلع الخائضون العابثون على مثل هذا النَّقل، ولو ظفروا به لفرحوا وطاروا به أي مطار! فهذه الأخبار تذكر -كما قررناه- من باب (الملح) ، وتُوظَّف لنصرة الله ودينه، ولا تكون سِهاماً مسمومةً تطعن في جسد الأمة لتخدَّر! ولا يعتمد عليها ويركن إليها بمعزل عن وظيفة الأمة وعلمائها وأبنائها!
(٢) بعدها في المطبوع: «ورسوله» !!

<<  <  ج: ص:  >  >>