الإسلامية المؤثرة؛ الشخصية التي لا تعتذر بالواقع السيئ وتدعي أنّ هذا هو أوان (أنْ يعض المسلم على جذع شجرة ويبتعد عن الفتن) ... ، ومِن ثم يحكم على نفسه بالإعدام قبل أنْ يحكم أحدٌ عليه، ولا الشخصية المتواكلة المترددة المنهزمة داخليّاً.
الشخصية التي لا ترد كل شيء إلى الظروف والبيئة، وكأنها بريئة هي من العيوب والنقائص.
الشخصية التي لا تعطل القوى التي وهبها الله إياها بدورها في إعمار هذا الكون وإصلاحه.
بل الشخصية المتفاعلة في مواقع الحياة، الآخذة والمعطية، البانية الهادفة، إنها شخصية تقتبس من نور الله، وتستلهم خطوات الأنبياء والمجددين، وتنير دربها بنماذج حيّةٍ من حياة الصحابة -رضوان الله عليهم-، ومن حياة كل الترجمات العملية للعقيدة الإسلامية عبر تاريخ المسلمين الطويل (١) .
وإنّ الفتن التي تحدّث عنها الرسول صلى الله عليه وسلم ليست نوعاً من الجبر، أو القدرية الإلزامية التي تحيق بالناس دون أنْ يكون لهم ذنب فيها، أو دون أنْ يقدِّموا من الأسباب والبدايات ما يجعلها تصيبهم بنتائجها، لا ليس الفتن إلاَّ بما كسب الناس أنفسهم {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ}[الشورى: ٣٠] ، ومن ثَمَّ فإنّ عمليّة التغيير وإنكار المنكر وقيام الناس بدفع أسباب الفتن وعللها سيساعد كثيراً في الاعتصام منها والبُعد عنها.
إنّ الفتن التي تحدّث عنها رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم ليست نوعاً من الجبر
(١) انظر ما قدمناه قريباً عن شيخ الإسلام ابن تيمية في كلامه على ما فعل التتر بالمسلمين، وتأمله جيّداً؛ لترى الفهم النيِّر الشرعي للأحداث والأحاديث.