قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وروي عن الأعمش عن أبي الضحى عن مسروق قال: دخلنا على عبد الله بن مسعود رضي الله عنه فقال: يا أيها الناس! من علم شيئاً فليقل به، ومن لم يعلم فليقل: الله أعلم، فإن من العلم أن يقول لما لا يعلم: الله أعلم قال الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم: {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ}[ص:٨٦]].
الحديث رواه الشيخان البخاري ومسلم وغيرهما عن عبد الله بن مسعود أنه خطب الناس وقال: يا أيها الناس! من علم شيئاً فليقل به: ويظهره للناس، ومن لم يعلم فليقل الله أعلم ولا يتكلم في شيء لا يعلمه.
قال: فإن من العلم أن تقول لما لا تعلم: الله أعلم؛ لأن العلم قسمان: قسم تعلمه وتبينه للناس، وقسم لا تعلمه تقول: الله أعلم، ولا يجوز أن يتكلف الإنسان، ولهذا قال عبد الله بن مسعود فإن الله قال لنبيه عز وجل:{قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ}[ص:٨٦] فلا تتكلف، فالشيء الذي تعلمه تقوله، والذي لا تعلمه تقول عنه: لا أعلم، ليس هذا بعيب.
الإمام مالك بن أنس رحمه الله إمام دار الهجرة، جاءه رجل من مسافات بعيدة يسأله، فسأله عن أربعين مسألة، فقال في ست وثلاثين لا أدري، وما أجابه إلا عن أربع مسائل.
سبحان الله! جاء من مسافات بعيدة يمشي شهوراً إلى الإمام مالك بن أنس إمام دار الهجرة الذي تضرب إليه أكباد الإبل ليسأله عن أربعين مسألة، ويقول في ست وثلاثين: لا أدري، فقال: ماذا أقول للناس ما أفتيت إلا في أربع مسائل؟! فقال: قل: يقول مالك: لا أدري، ويعتبر هذا من فضائله.
ابن مسعود الصحابي الجليل يقول: لا تتكلف، من علم شيئاً فليقل به، ومن لم يعلم فليقل: الله أعلم، فإن من العلم أن تقول لما لا تعلم الله أعلم، إذاً العلم قسمان: قسم تعلمه وتكلم به، وقسم لا تعلمه فقل: الله أعلم، وهذا من العلم.
ولهذا قال بعض السلف: لا أدري نصف العلم؛ لأن العلم نوعان: شيء تعلمه وشيء لا تعلمه، النصف الأول تدريه تكلم به، والذي لا تدريه قل: الله أعلم، لا أدري.