للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[إثبات ما أثبته الله لنفسه أو أثبته له رسوله]

وأيضاً من معتقدهم: أنهم يعرفون الله بصفاته وأسمائه وأفعاله، وهذه الصفات والأسماء والأفعال إنما تؤخذ من الوحيين الكتاب والسنة، وليس للناس أن يخترعوا لله أسماء وصفات من عند أنفسهم، وهذا هو معنى قول أهل العلم: الأسماء والصفات توقيفية، يعني: يوقف فيها عند النصوص، فما ورد إثباته لله من الأسماء والصفات في الكتاب العزيز أو في السنة المطهرة نثبته لله، وما ورد في الكتاب العزيز أو في السنة المطهرة نفيه عن الله ننفيه عن الله، كما نفى عن نفسه السنة والنوم والعجز والظلم: {وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا} [الكهف:٤٩]، {لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ} [البقرة:٢٥٥]، وما لم يرد في الكتاب ولا في السنة إثباته ولا نفيه نتوقف فيه، لا نثبته ولا ننفيه، مثل الجسم والحيز والعرض والحد والجهة والأعراض والأبعاض، فهذه الأمور التي أثبتها أهل البدع نتوقف فيها لا نثبتها ولا ننفيها؛ لأنه لم يرد في الكتاب ولا في السنة إثباتها ولا نفيها، وهي مشتملة على حق وباطل، ونستفصل ممن أطلقها.

من قال: إن لله جسماً، أو قال: ليس بجسم.

لا نطلق لا نفيه ولا إثباته، فلا نقول: إن لله جسماً، ولا نقول: ليس بجسم، ولا نقول: إنه في حيز ولا غير متحيز؛ لأنه لم يرد في الكتاب والسنة لا إثباته ولا نفيه، ومن أطلقها نفياً أو إثباتاً فإننا نستفصل منه، نقول له: ما مرادك؟ إن قال: أنا مرادي أن الله متصف بالصفات، نقول: هذا المعنى صحيح، لكن هذا اللفظ مشتمل على حق وباطل.

إذاً: إذا كان المعنى صحيحاً نقبله، لكن اللفظ نرده ونقول: عبر بالتعبيرات التي جاءت في النصوص؛ لأنها بريئة وسالمة من الخطأ، أما هذا اللفظ الذي جئت به فلا نقبله والمعنى صحيح.

فإذا قال: أنا مقصودي أن الله يشبه المخلوقات، نقول: المعنى باطل، واللفظ باطل، ونرد المعنى واللفظ جميعاً.

فإذا قال: ماذا أقول؟ نقول: قل ما قال الله وقال رسوله، إن الله هو السميع البصير، هو العليم الحكيم، هذه ألفاظ من النصوص بريئة وسالمة من احتمال الخطأ، أما هذا اللفظ الذي أتيت به لا نقبله والمعنى سليم.

إذاً: القاعدة عند أهل السنة والجماعة في إثبات الأسماء والصفات والأفعال: ما ورد في الكتاب العزيز أو في السنة المطهرة إثباته لله وجب إثباتها لله، وما ورد في كتابه أو في السنة نفيه عن الله وجب نفيه عن الله، وما لم يرد في الكتاب ولا في السنة نفيه ولا إثباته لا ننفيه ولا نثبته، ومن أطلقه نفياً أو إثباتاً نستفصل منه: فإن أراد حقاً قبلنا المعنى ورددنا اللفظ، وإن أراد باطلاً رددنا اللفظ والمعنى جميعاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>