للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[واجب طلبة العلم تجاه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر]

السؤال

لوحظ في هذه الأيام كثرة طلاب العلم ولله الحمد والمنة، ولكن يلاحظ مع ذلك قلة الدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فهل من تعليق لكم وفقكم الله؟

الجواب

يجب على طلبة العلم أن يكونوا آمرين بالمعروف ناهين عن المنكر، والله تعالى بين أن الخيرية لهذه الأمة إنما حصلت بذلك، فقال سبحانه: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [آل عمران:١١٠]، فالخيرية إنما صحت بهذه الأمور الثلاثة: الإيمان بالله، وبالأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، فمن عمل بهذه الصفات وانطبقت عليه حصلت له الخيرية، ومن فاتته هذه الصفات فاتته الخيرية، قال سبحانه: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [آل عمران:١٠٤] الأمر من الله أن تكون أمة منتصبة بهذا الأمر بالقيام بالمعروف والنهي عن المنكر، وقال سبحانه في وصف المؤمنين: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ} [التوبة:٧١] يرحمهم الله بهذه الصفات، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله، فينبغي لطلبة العلم أن يكونوا في المقدمة، وأن يمتثلوا أمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم، فما قيمة العلم الذي لا يعمل به الإنسان، من العمل بالعلم أن يكون طالب العلم آمراً بالمعروف وناهياً عن المنكر، لكن بالحكمة والموعظة الحسنة، باللين والرفق.

وإنكار المنكر له ثلاث مراتب: أولاً: الإنكار باليد إذا كان الإنسان يستطيع أن يغير بإن كان له سلطة كالأمير، وإن كان في بيته إذا كان يستطيع غير بيده، وثانياً: إذا عجز باللسان والبيان، وثالثاً: الإنكار بالقلب؛ كما في حديث أبي سعيد رضي الله عنه الذي رواه الإمام مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان)، والإنكار بالقلب لابد فيه من البعد عن المنكر، فإذا كنت لا تستطيع أن تنكر باللسان لا تجلس معهم، بل تقوم وتظهر علامة الإنكار على وجهك، أما إذا كنت تجلس معهم وتدعي أنك تنكر المنكر بقلبك فأنت شريك لهم في الإثم، فإن كانوا يشربون الخمر فحكمك حكم من يشرب الخمر، وإن كانوا يغتابون الناس وأنت ساكت وتستطيع أن تقوم فحكمك حكمهم، وإن كانوا يسبون الإسلام أو يسبون الله، فحكمك حكمهم، قال الله تعالى: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا} [النساء:١٤٠]، فمن جلس مع قوم يكفرون بالله ولم ينكر عليهم ولم يقم فحكمه حكمهم، ومن جلس مع قوم يشربون الدخان ولم ينكر عليهم فحكمه حكمهم في الإثم، نسأل الله السلامة والعافية، ونسأله سبحانه وتعالى أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع العمل الصالح، ونسأله سبحانه وتعالى أن يتوفانا على الإسلام، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>