للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[موقف أهل السنة والجماعة مما شجر بين الصحابة]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ويرون الكف عما شجر بين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وتطهير الألسنة عن ذكر ما يتضمن عيباً لهم ونقصاً فيهم، ويرون الترحم على جميعهم والموالاة لكافتهم، وكذلك يرون تعظيم قدر أزواجه رضي الله عنهن، والدعاء لهن، ومعرفة فضلهن، والإقرار بأنهن أمهات المؤمنين].

هذه عقيدة أهل السنة والجماعة في الصحابة وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم، فموقفهم من الصحابة أنهم يرون الترحم عليهم والترضي عنهم، وذكر محاسنهم وفضائلهم والكف عما شجر بينهم من الاختلاف والنزاع، وتطهير الألسنة عن ذكر ما يتضمن عيباً لهم ونقصاً فيهم، كالخلافات والحروب التي وقعت بينهم، فلا يجوز ذكرها ولا كتابتها ولا تسجيلها في أشرطة، ولهذا فإن أشرطة طارق السويدان التي نشرت معايب الصحابة، يجب إتلافها وعدم سماعها؛ لأن هذا فيه نشر لعيوب الصحابة وهذا من أبطل الباطل، ويجب اعتقاد أن الصحابة خير الناس وأفضلهم، وما كان ولم يكن أحد مثلهم، وهم أفضل الناس بعد الأنبياء، اختارهم الله لصحبة نبيه، وهم الذين نقلوا إلينا القرآن والسنة، وحملوا إلينا الدين والشريعة، فتجريحهم تجريح للقرآن والسنة.

أما ما شجر بينهم من الخلافات والنزاع فهذا كما ذكر القاضي ابن العربي في كتاب العواصم والقواصم وهو كتاب جيد، وكما بين شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في العقيدة الواسطية أن الخلافات التي وقعت بين الصحابة، منها ما هو كذب لا أساس له من الصحة، ومنها ما له أصل، لكن زيد فيه أو نقص منه، ومنها ما هو صحيح، والصحابة ما بين مجتهد مصيب له أجران، وما بين مجتهد مخطئ له أجر.

والذنوب المحققة، هناك أسباب للمغفرة منها التوبة، فمن تاب تاب الله عليه، ومنها أن يكون حصلت له مصائب كفر بها عنه، أو كفر عنه بحسنات عظيمة، أو بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم والذين هم أولى الناس بها، هذا في الذنوب المحققة فكيف بغيرها.

فإطلاق الألسنة والكتابة وتسجيل معايب الصحابة من طريقة أهل البدع، أما طريقة أهل السنة والجماعة فهم يترضون عن الصحابة ولا يذكرون مساوئهم، ويعتقدون أن لهم من الحسنات العظيمة ما يغطي ما صدر عنهم من الهفوات، كجهادهم مع النبي صلى الله عليه وسلم وصحبتهم له، وتبليغهم دين الله إلى مشارق الأرض ومغاربها.

فيجب الكف عما شجر بين أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وقوله: (ويرون الترحم على جميعهم والموالاة لكافتهم) أي: نواليهم ونترضى عنهم.

وقوله: (وكذلك يرون تعظيم قدر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم والدعاء لهن، ومعرفة فضلهن، والإقرار بأنهن أمهات المؤمنين)، وأنهن زوجاته في الجنة، ومن قذف عائشة بما برأها الله منه فهو كافر.

<<  <  ج: ص:  >  >>