[نبذة مختصرة عن رسالة عقيدة السلف وأصحاب الحديث]
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على رسولنا ونبينا وإمامنا وقدوتنا محمد بن عبد الله عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، وعلى أصحابه ومن تبعهم وسار على نهجهم إلى يوم الدين.
أما بعد: فإننا إن شاء الله بحوله وقوته نشرع في شرح هذه الرسالة المسماة: عقيدة السلف وأصحاب الحديث، للإمام المحدث المفسر شيخ الإسلام أبي عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني، وهو من علماء القرن الرابع والخامس الهجري، فإن ولادته عام ثلاث وسبعين وثلاثمائة، ووفاته عام تسع وأربعمائة، وهذه العقيدة شاملة، بين فيها المؤلف رحمه الله عقيدة السلف وأصحاب الحديث في ألوهية الرب وربوبيته وأسمائه وصفاته، وأفاض وتوسع في الصفات التي اشتد فيها النزاع بين أهل السنة وبين أهل البدع كصفة الكلام، وناقش أهل البدع من الجهمية والمعتزلة والأشاعرة الذين يقولون: إن كلام الله مخلوق، وإن القرآن مخلوق، وبين أن هذا كفر وضلال.
كما تكلم عن صفة النزول وبين أن النصوص فيها متواترة في الصحاح والسنن والمسانيد، وأنه يجب إثبات النزول لله عز وجل على ما يليق بجلاله وعظمته، وكذلك صفة الاستواء وصفة الرؤية، فهذه الصفات: الكلام والعلو والاستواء والرؤية اشتد فيها النزاع بين أهل السنة وبين أهل البدع، ولذلك أفاض فيها المؤلف رحمه الله.
وهذه الصفات الثلاث هي العلامة الفارقة بين أهل السنة وبين أهل البدع، فمن أثبتها فهو من أهل السنة ومن أنكرها فهو من أهل البدع.
وكذلك أيضاً بين عقيدة أهل السنة في عذاب القبر ونعيمه، وفي الجنة والنار، وفي الخير والشر، وفي المقتول هل هو مقتول بأجله، وفي القضاء والقدر، وفي الموت.
كذلك شرح عقيدة أهل السنة في الإيمان، وأنه قول باللسان، وتصديق بالقلب، وعمل بالقلب، وعمل بالجوارح، وبين عقيدة أهل السنة والجماعة في أنهم لا يكفرون بالذنب خلافاً للخوارج والمعتزلة.
وكذلك أيضاً بين عقيدة أهل السنة في الصحابة وأنهم يترضون عنهم ويتولونهم وينزلونهم منازلهم التي تليق بهم بالعدل والإنصاف على حسب النصوص لا بالهوى والتعصب، خلافاً للرافضة الذين كفروا الصحابة وفسقوهم وطعنوا فيهم، وعبدوا أهل البيت، وخلافاً للنواصب الذين نصبوا العداوة لأهل البيت.
وكذلك أيضاً بين عقيدة أهل السنة في وسوسة الشياطين وفي السحر والسحرة، وأن السحر له حقيقة وله خيال، خلافاً لمن قال: ليس منه حقيقة وإنما هو خيال.
وبين آداب أصحاب الحديث وبين علامات أهل البدع وعلامات أهل السنة وبين عواقب العباد، ومشيئة الله، وبين الإرادة وأنها تنقسم إلى نوعين، وتكلم عن الخير والشر، وتكلم عن الهداية وأقسامها، وبين أن أفعال العباد مخلوقة لله خلافاً للمعتزلة الذين يقولون: إن العبد يخلق فعل نفسه.
وكذلك بين عقيدة أهل السنة في الحوض والكوثر، والشفاعة والبعث بعد الموت، وهو أصل من أصول الإيمان، ومن أنكر البعث فهو كافر بنص القرآن.
وذكر عقيدة السلف من الأخبار الواردة في الأسماء والصفات، وأنهم إذا ثبت الخبر والنقل بالعدول الثقات الضابطين واتصل السند فإنه يعمل به ويقبل في العقائد وفي الأعمال وفي كل شيء، فإذا صح سند الحديث وعدلت رواته ولم يكن فيه شذوذ ولا علة فإنه مقبول في العقائد والأعمال والأخلاق وفي كل شيء، فهي عقيدة أهل السنة والجماعة خلافاً لأهل البدع من المعتزلة وغيرهم الذين يقولون: لا نقبل خبر الآحاد في العقائد، وهذا مذهب باطل مخالف لما عليه أهل السنة والجماعة، فهي عقيدة شاملة بين فيها المؤلف رحمه الله عقيدة السلف وأصحاب الحديث وفق ما دلت عليه النصوص من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وما أجمع عليه الصحابة.