قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ويشهدون ويعتقدون: أن أفضل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي، وأنهم الخلفاء الراشدون الذين ذكر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خلافتهم بقوله فيما رواه سعيد بن جمهان عن سفينة:(الخلافة بعدي ثلاثون سنة).
وبعد انقضاء أيامهم عاد الأمر إلى الملك العضوض على ما أخبر عنه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم].
يعتقد أهل السنة وأهل الحديث ويشهدون: أن أفضل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي، ويشهدون أنهم هم الخلفاء الراشدون، وترتيبهم في الفضيلة كترتيبهم في الخلافة، فأفضلهم أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي، وهذا هو الذي عليه الجماهير، وروي عن الإمام أبي حنيفة: أن علياً أفضل من عثمان ولكن روي عنه أنه رجع ووافق الجمهور، وتفضيل علي على عثمان مسألة سهلة خفيفة، لكن تقديم علي على عثمان في الخلافة أمر منكر؛ ولهذا قال كثير من السلف: من قدم علياً على عثمان في الخلافة فهو أضل من حمار أهله، وقد أزرى بالمهاجرين والأنصار.
أي: احتقر رأيهم؛ لأن المهاجرين والأنصار أجمعوا على تقديم عثمان في الخلافة، فتقديم علي على عثمان في الخلافة أمر منكر شنيع باطل، أما تقديم علي على عثمان في الفضيلة فهذا سهل، وقد قال به بعض أهل السنة، وروي عن الإمام أبي حنيفة، ولكن روي أنه رجع ووافق الجمهور، وهم الخلفاء الراشدون وخلافتهم خلافة نبوة، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث سفينة:(الخلافة بعدي ثلاثون سنة).
وهو حديث حسن لا بأس به.
ثم قال: أمسك خلافة أبي بكر سنتان، وخلافة عمر عشر سنوات، وخلافة عثمان ثنتا عشرة سنة، وخلافة علي ست سنوات، وهذا الترتيب، فتكون الجميع ثلاثون سنة، لكن هذا فيه جبر؛ فإن خلافة أبي بكر سنتان وثلاثة أشهر، وخلافة عمر عشر سنوات ونصف، وخلافة عثمان ثنتي عشرة سنة، وخلافة علي خمس سنين وأشهر، ثم بقي من الثلاثين السنة ستة أشهر وهي التي تولى فيها الحسن بن علي رضي الله عنه، وتنازل فيها لـ معاوية فتمت الخلافة ثلاثون سنة بنهاية الستة الأشهر التي تنازل فيها الحسن بن علي لـ معاوية، وانتهت الخلافة الراشدة وبدأ الملك، وأول ملوك المسلمين هو معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، ولهذا قال المؤلف: وبعد انقضاء أيامهم عاد الأمر إلى الملك العضوض على ما أخبر عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكن معاوية صحابي جليل، وخلافته وإن لم تكن كخلافة الخلفاء الراشدين إلا أنه ملك عادل وصحابي جليل.