ما هو شرح قاعدة: إذا اجتمعت مفسدتان تركت العظمى وآثرنا الصغرى عليها؟
الجواب
القاعدة أنه إذا اجتمعت مفسدتان لا يمكن تركهما، فإنه ترتكب المفسدة الصغرى، لدفع المفسدة الكبرى، مثال ذلك: إذا فعل ولي الأمر معصية فهذه مفسدة، فإذا أراد شخص أو جماعة أن ينكروا على ولي الأمر بالخروج عليه بالقتال، فهذه مفسدة كبرى؛ لأنه ترتب عليها مفاسد أعظم من المفسدة السابقة، فعندنا مفسدتان: المفسدة الأولى: مفسدة كون ولي الأمر فعل معصية مثل شرب الخمر أو ظلم أحد أو قتل أحد بغير حق، والمفسدة الثانية: الخروج على ولي الأمر، فإذا خرج عليه فإنه سيقاتلهم بجيشه، فيصير المسلمون حزبين، فتراق الدماء، وتفسد أحوال الناس ويختل الأمن، وتدهور سبل المعيشة كالتجارة والزراعة والاقتصاد والدراسة، ويتدخل الأعداء ويتربصون بهم الدوائر وتذهب ريح الدولة، وتأتي فتن لا أول لها ولا آخر تقضي على الأخضر واليابس.
فنصبر على المعصية، والنصيحة لأولياء الأمور تكون مبذولة من قبل العلماء وأهل الحل والعقد، فإن قبل فالحمد لله وإلا فقد أدى الناس ما عليهم أما الخروج على ولي الأمر بالقتال فلا يجوز.
ومن أمثلة ذلك ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أنه خرج مرة -ومعه بعض تلاميذه- فوجد قوماً من التتار يشربون الخمر، فأراد بعض تلاميذ الشيخ أن ينكر عليهم شرب الخمر، فمنعه الشيخ وقال له: إن هؤلاء اشتغلوا عن قتل المسلمين بشرب الخمر، فلو أنكرت عليهم لتفرغوا لقتل المسلمين، فكونهم يشربون الخمر مفسدة، وكونهم يقطعون رقاب المسلمين مفسدة أعظم، فأي المفسدتين نرتكب؟! ولهذا قال الشيخ: اتركهم يشربون الخمر؛ حتى يشتغلوا بشرب الخمر عن قتل المسلمين، فلا ينكر المنكر إذا كان يترتب عليه منكر أشد منه.