للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ولهذا؟ رجل أجابك بجوابه فإن شئت فاقبل وإن شئت فاترك، ففرق بينهما، فأتى أسد إلى عبد الرحمن بن القاسم وسأله كما سبق: ويقال: إن أشهب ازدري مالكا وأبا حنيفة مرة حيث انجرّ الكلام إلى ذكرهما في مجلسه، فقال له أسد: يا أشهب! يا أشهب! يا أشهب! فأسكته الطلبة؛ وقيل له: ماذا أردت أن تقول له؟ فقال: أردت أن أقول له: مثلك ومثلها مثل رجل أتى بين بحرين فبال فرغى بوله فقال: هذا بحر ثالث. ويقال: بل قال ذلك له مشافهة؛ كما في معالم الإيمان - والله أعلم.

ولا يخفى أنه لولا الكتب التي تلقاها أسد من محمد في فقه أبي حنيفة وقدمها لابن القاسم ليجاوبه عن مسائلها على مذهب مالك عن ظهر القلب لما تمكن أسد من الإجادة في السؤال، ولا ابن القاسم من الجواب عن كل مسألة يسأله في أبواب الفقه على ترتيب أهل العراق؛ فعلى ضوء كتب محمد تم تدوين أسد لتلك المسائل التي هي أصل مدونة سحنون. ولما أراد أسد الانصراف إلى المغرب بتلك المسائل التي دونها في ستين كتابا وسماها "الأسدية" قام عليه أمل مصر فسألوه في كتاب الأسدية أن ينسخوه، فأبى عليهم، فقدموه إلى القاضي بمصر، فقال لهم القاضي: وأي سبيل لكم عليه؟ رجل سأل رجلا فأجابه وهو بين أظهركم فاسألوه كما سأله، فرغبوا إلى القاضي في سؤاله أن يقضى حاجتهم، فسأله القاضي فأجابه إلى ذلك، فنسخوها حتى فرغوا منها، ونسخت نسخة أخرى منها في نحو ثلاثمائة رق - وهو المراد بالجلد في لفظ ابن أبي حاتم لتبقى عند ابن القاسم - انتهى ما في بلوغ الأماني ص ١٨

<<  <  ج: ص:  >  >>