للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مقدس عَن ترك هَذَا الَّذِي لَو تَركه لَكَانَ تَركه نقصا وَكَذَلِكَ الامر الَّذِي حرمه على نَفسه يسْتَحق الْحَمد وَالثنَاء على تَركه وَهُوَ مقدس عَن فعله الَّذِي لَو كَانَ لاوجب نقصا وَهَذَا بَين وَللَّه الْحَمد عِنْد الَّذين أُوتُوا الْعلم والايمان وَهُوَ أَيْضا مُسْتَقر فِي عُمُوم الْمُؤمنِينَ وَلَكِن الْقَدَرِيَّة شبهوا على النَّاس بشبههم فقابلهم من قابلهم بِنَوْع من الْكَلَام الْبَاطِل كَالْكَلَامِ الَّذِي كَانَ السّلف والائمة يذمونه وَذَلِكَ أَن المعتزله قَالُوا قد حصل الِاتِّفَاق على أَن الله لَيْسَ بظالم كَمَا دلّ عَلَيْهِ الْكتاب وَالسّنة والظالم من فعل الظُّلم كَمَا أَن الْعَادِل من فعل الْعدْل هَذَا هُوَ الْمَعْرُوف عِنْد النَّاس من مُسَمّى هَذَا الِاسْم سمعا وعقلا قَالُوا وَلَو كَانَ الله خَالِقًا لافعال الْعباد الَّتِي هِيَ الظُّلم لَكَانَ ظَالِما فعارضهم هَؤُلَاءِ بِأَن قَالُوا لَيْسَ الظَّالِم من فعل الظُّلم بل الظَّالِم من قَامَ بِهِ الظُّلم وَقَالَ بَعضهم الظَّالِم من اكْتسب الظُّلم وَكَانَ مَنْهِيّا عَنهُ وَقَالَ بَعضهم الظَّالِم من فعل محرما عَلَيْهِ أَو مَنْهِيّا عَنهُ وَمِنْهُم من قَالَ من فعل الظُّلم لنَفسِهِ وَهَؤُلَاء يعنون أَن يكون لَهُ وَالْمحرم عَلَيْهِ غَيره الَّذِي يجب عَلَيْهِ طَاعَته وَلِهَذَا كَانَ تصور الظُّلم مِنْهُ مُمْتَنعا عِنْدهم لذاته كامتناع أَن يكون فَوْقه آمُر لَهُ ومساو وَيمْتَنع عِنْد الطَّائِفَتَيْنِ أَن يعود إِلَى الرب تَعَالَى من أَفعاله حكم لنَفسِهِ وَهَؤُلَاء لم يُمكنهُم أَن ينازعوا أُولَئِكَ فِي أَن الْعَادِل من فعل الْعدْل بل سلمُوا ذَلِك لَهُم وَإِن نازعهم بعض النَّاس مُنَازعَة عنادية وَالَّذِي يكْشف تلبيس الْمُعْتَزلَة ان يُقَال لَهُم الظَّالِم والعادل الَّذِي يعرفهُ النَّاس وَإِن كَانَ فَاعِلا للظلم وَالْعدْل فَذَلِك قَائِم بِهِ أَيْضا وَلَا يعرف النَّاس من يُسمى ظَالِما وَلم يقم بِهِ الْفِعْل الَّذِي صَار بِهِ ظَالِما بل لَا يعْرفُونَ ظَالِما إِلَّا من قَامَ بِهِ الْفِعْل الَّذِي فعله وَبِه صَار ظَالِما وَإِن كَانَ فعله مُتَعَلقا بِغَيْرِهِ وَله مفعول مُنْفَصِل عَنهُ لَكِن لَا يعْرفُونَ الظَّالِم إِلَّا بِأَن يكون قد قَامَ بِهِ ذَلِك فكونكم

<<  <  ج: ص:  >  >>