وَمِنْه الْقَضَاء المقرون بِالْقدرِ فالقضاء وَالْقدر أَمْرَانِ متلازمان لَا يَنْفَكّ أَحدهمَا عَن الآخر لِأَن أَحدهمَا بِمَنْزِلَة الأساس وَهُوَ الْقدر وَالْآخر بِمَنْزِلَة الْبناء وَهُوَ الْقَضَاء فَمن رام الْفَصْل بَينهمَا فقد رام هدم الْبناء ونقضه انْتهى أَي وَقضى جهم وَحكم بِأَن الله كَانَ معطلا فِي الْأَزَل تَعَالَى الله عَن ذَلِك لَا يفعل شَيْئا ثمَّ فعل من غير أَمر قَامَ بِهِ سُبْحَانَهُ وَذَلِكَ فرار من القَوْل بدوام فاعلية الرب ولنبسط الْكَلَام على هَذِه الْمَسْأَلَة بحول الله تَعَالَى فَنَقُول قَالَ شيخ الْإِسْلَام ابْن تَيْمِية فِي الْمَسْأَلَة المصرية فِي الْقُرْآن أعلم أَن الْمُتَكَلِّمين من الْجَهْمِية والمعتزلة وَمن تَبِعَهُمْ سلكوا فِي إِثْبَات حُدُوث الْعَالم وَإِثْبَات الصَّانِع طَريقَة مبتدعة فِي الشَّرْع مضطربة فِي الْعقل وأوجبوها وَزَعَمُوا أَنه لَا يُمكن معرفَة الصَّانِع إِلَّا بهَا وَتلك الطَّرِيق فِيهَا مُقَدمَات لَهَا نتائج مجملة فغلط كثير من سالكيها فِي مَقْصُود الشَّارِع وَمُقْتَضى الْعقل فَلم يفهموا مَا جَاءَت بِهِ النُّصُوص النَّبَوِيَّة وَلم يحرروا مَا اقتضته الدَّلَائِل الْعَقْلِيَّة وَذَلِكَ أَنهم قَالُوا لَا يُمكن معرفَة الصَّانِع إِلَّا باثبات حُدُوث الْعَالم وَلَا يُمكن إِثْبَات حُدُوث الْعَالم الا بِإِثْبَات حُدُوث الْأَجْسَام قَالُوا وَالطَّرِيق إِلَى ذَلِك هُوَ الإستدلال بحدوث الْأَعْرَاض على حُدُوث مَا قَامَت بِهِ الْأَعْرَاض فَمنهمْ من احْتج بالحركة والسكون فَقَط وَمِنْهُم من احْتج بالاكوان الَّتِي هِيَ عِنْدهم الِاجْتِمَاع والإفتراق وَالْحَرَكَة والسكون وَمِنْهُم من احْتج بِالْإِعْرَاضِ مُطلقًا وَبني الدَّلِيل على أَن مَالا يَخْلُو عَن الْحَوَادِث فَهُوَ حَادث لِامْتِنَاع حوادث لَا أول لَهَا فَقَالَ لَهُم المعارضون لَهُم من أهل الْملَل وَغَيرهم أَنْتُم أثبتتم حُدُوث الْعَالم بطرِيق وحدوث الْعَالم لَا يتم إِلَّا مَعَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute