للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على كل جُزْء من أَجزَاء الْعَالم إِشَارَة الى الرَّد على من زعم قدم بعض الْأَجْزَاء كالهيولي وَإِلَّا فهم إِنَّمَا يَقُولُونَ بقدمها بِمَعْنى عدم المسبوقية بِالْعدمِ لَا بِمَعْنى عدم تكونه بِالْغَيْر

وَالْحَاصِل أَنا لَا نسلم أَنه لَا يتَصَوَّر التكوين بِدُونِ المكون وَأَن وازنه مَعَه وزان الضَّرْب مَعَ الْمَضْرُوب فان الضَّرْب صفة إضافية لَا يتَصَوَّر بِدُونِ المضافين اعني الضَّارِب والمضروب وَقد بَينا أَن التكوين صفة حَقِيقِيَّة هِيَ مبدأ الاضافة الَّتِي هِيَ إِخْرَاج الْمَعْدُوم من الْعَدَم الى الْوُجُود لَا عينهَا حَتَّى لَو كَانَت عينهَا على مَا وَقع فِي عبارَة بعض الْمَشَايِخ لَكَانَ القَوْل بتحققها بِدُونِ المكون مُكَابَرَة وانكارا للضَّرُورَة فَلَا ينْدَفع بِمَا يُقَال من ان الضَّرْب مُسْتَحِيل الْبَقَاء فَلَا بُد لتَعَلُّقه بالمفعول ووصول الْأَلَم اليه من وجود الْمَفْعُول مَعَه إِذْ لَو تَأَخّر لانعدم كَذَا قيل وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لفعل الْمَخْلُوق وَهُوَ بِخِلَاف فعل الْبَارِي فانه ازلي الدَّوَام يبْقى الى وَقت وجود الْمَفْعُول فالتكوين غير المكون عندنَا لِأَن الْفِعْل يغاير الْمَفْعُول بِالضَّرُورَةِ كالضرب مَعَ الْمَضْرُوب وَالْأكل مَعَ الْمَأْكُول وَلِأَنَّهُ لَو كَانَ نفس المكون لزم أَن يكون المكون مكونا مخلوقا بِنَفسِهِ ضَرُورَة أَنه مكون بالتكوين الَّذِي هُوَ عينه فَيكون قَدِيما مستغنيا عَن الصَّانِع وَهُوَ محَال وان لَا يكون للخالق تعلق بالعالم سوى أَنه أقدم مِنْهُ وقادر عَلَيْهِ من غير صنع وتأثير فِيهِ ضَرُورَة تكونه بِنَفسِهِ وَهَذَا لَا يُوجب كَونه خَالِقًا للْعَالم والعالم مخلوقا فَلَا يَصح القَوْل بِأَنَّهُ خَالق الْعَالم وصانعه وَهَذَا خلق وَأَن لَا يكون الله مكونا للاشياء ضَرُورَة أَنه لَا معنى للمكون إِلَّا من قَامَ بِهِ التكوين والتكوين اذا كَانَ عين المكون لَا يكون قَائِما بِذَات الله تَعَالَى وَإِن يَصح القَوْل بِأَنَّهُ خَالق سَواد هَذَا الْحجر أسود وَهَذَا الْحجر خَالق السوَاد

<<  <  ج: ص:  >  >>