للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِذْ لَا معنى للخالق وَالْأسود إِلَّا من قَامَ بِهِ الْخلق والسواد وهما وَاحِد فمحلهما وَاحِد هَذَا كُله تَنْبِيه على كَون الحكم بتغاير الْفِعْل وَالْمَفْعُول ضَرُورِيًّا ثمَّ قَالَ السعد التَّفْتَازَانِيّ وَهَذَا يَعْنِي إبِْطَال القَوْل بِأَن الْفِعْل هُوَ الْمَفْعُول لَا يتم إِلَّا بِإِثْبَات أَن تكون الْأَشْيَاء وصدورها عَن الْبَارِي تَعَالَى يتَوَقَّف على صفة حَقِيقِيَّة قَائِمَة بِالذَّاتِ مُغَايرَة للقدرة والارادة قَالَ وَالتَّحْقِيق أَن تعلق الْقُدْرَة على وفْق الارادة بِوُجُود الْمَقْدُور لوقت وجوده إِذا نسب للقدرة يُسمى أيجابها لَهُ واذا نسب الى الْقَادِر يُسمى الْخلق والتكوين وَنَحْو ذَلِك فحقيقة كَون الذَّات بِحَيْثُ تعلّقت قدرته بِوُجُود الْمَقْدُور لوقته ثمَّ يتَحَقَّق بِحَسب خصوصيات المقدورات خصوصيات الافعال كالترزيق والتصوير والاحياء والإماتة وَغير ذَلِك الى مَا لَا نِهَايَة لَهُ قَالَ وَأما كَون كل من ذَلِك صفة حَقِيقِيَّة أزلية فمما تفرد بِهِ عُلَمَاء مَا وَرَاء النَّهر وَفِيه تَكْثِير للقدماء جدا وَإِن لم تكن مُتَغَايِرَة قَالَ وَالْأَقْرَب مَا ذهب اليه الْمُحَقِّقُونَ مِنْهُم وَهُوَ ان مرجع الْكل الى التكوين فانه ان تعلق بِالْحَيَاةِ سمي إحْيَاء وبالموت سمي إماتة وبالصورة تصويرا وبالرزق ترزيقا الى غير ذَلِك فَالْكل تكوين وانما الْخُصُوص بِخُصُوص التعلقات انْتهى

قلت مُرَاده بقوله مِمَّا تفرد بِهِ بعض عُلَمَاء مَا وَرَاء النَّهر عُلَمَاء الْكَلَام والا فَهُوَ مَذْهَب السّلف كَمَا تقدّمت الاشارة اليه وَهُوَ الَّذِي دلّ عَلَيْهِ الْكتاب وَالسّنة وَلِهَذَا قَالَ شيخ الاسلام ابْن تَيْمِية رَحمَه الله تَعَالَى فِي شرح العقائد الاصفهانية الصَّوَاب ان الْخلق غير الْمَخْلُوق قَالَ وَالَّذين يَقُولُونَ الْخلق هُوَ الْمَخْلُوق قَوْلهم فَاسد وَبَين وَجه فَسَاده وَمَا ذكر من الْآيَات القرآنية وَالْأَخْبَار النَّبَوِيَّة الدَّالَّة على هَذَا الاصل شَيْئا

<<  <  ج: ص:  >  >>