للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هَذَا الطَّرِيق نفت الْجَهْمِية والمعتزلة الصِّفَات والرؤية وَقَالُوا الْقُرْآن مَخْلُوق ولأجلها قَالَت الْجَهْمِية بِفنَاء الْجنَّة وَالنَّار ولأجلها قَالَ العلاف بِفنَاء حركتها وَالْتزم قوم لأَجلهَا أَن كل جسم لَهُ طعم ولون وريح فَقَالَ لَهُم النَّاس أما قَوْلكُم إِن هَذِه الطَّرِيقَة هُوَ الاصل فِي معرفَة الاسلام ونبوة الرُّسُل فَهَذَا مَا يعلم فَسَاده بالإضطرار من دين الْإِسْلَام فانه من الْمَعْلُوم لكل من عرف حَال الرَّسُول واصحابه وَمَا جَاءَ بِهِ من الايمان وَالْقُرْآن أَنه لم يدع النَّاس بِهَذِهِ الطَّرِيقَة أبدا وَلَا تكلم بهَا اُحْدُ من الصَّحَابَة وَلَا التَّابِعين لَهُم باحسان فَكيف تكون هِيَ اصل الايمان وَالَّذِي جَاءَ بِالْإِيمَان وَأفضل النَّاس إِيمَانًا لم يتكلموا بهَا الْبَتَّةَ وَلَا سلكها مِنْهُم أحد وَالَّذين علمُوا ان هَذِه طَريقَة مبتدعة حزبان حزب ظنُّوا أَنَّهَا صَحِيحَة فِي نَفسهَا لَكِن أعرض السّلف عَنْهَا لطول مقدماتها وغموضها وَمَا يخَاف على سالكها من الشَّك والتطويل وَهَذَا قَول جمَاعَة كالأشعري فِي رسَالَته الى الثغر والخطابي والحليمي وَالْقَاضِي أبي يعلى وَابْن عقيل وَأبي بكر الْبَيْهَقِيّ وَغير هَؤُلَاءِ وَالثَّانِي قَول من يَقُول بل هَذِه طَريقَة بَاطِلَة فِي نَفسهَا وَلِهَذَا ذمها السّلف وَعدلُوا عَنْهَا وَهَذَا قَول ائمة السّلف كَابْن الْمُبَارك وَالشَّافِعِيّ وَاحْمَدْ بن حَنْبَل واسحاق بن رَاهْوَيْةِ وابي يُوسُف وَمَالك ابْن انس وَعبد الْعَزِيز بن الْمَاجشون وَغير هَؤُلَاءِ من السّلف وَحَفْص الْفَرد لما نَاظر الشَّافِعِي فِي مَسْأَلَة الْقُرْآن وَقَالَ الْقُرْآن مَخْلُوق وكفره الشَّافِعِي كَانَ قد ناظره بِهَذِهِ الطَّرِيقَة وَكَذَلِكَ أَبُو عِيسَى مُحَمَّد بن عِيسَى برغوث كَانَ من المناظرين للامام احْمَد فِي مسالة الْقُرْآن بِهَذِهِ الطَّرِيقَة وَقَالَ لَهُم النَّاس إِن هَذَا الاصل الَّذِي ادعيتم اثبات الصَّانِع بِهِ وانه لَا يعرف إِثْبَات خَالق للمخلوقات إِلَّا بِهِ هُوَ بعكس مَا قُلْتُمْ بل هَذَا الاصل يُنَاقض كَون الرب خَالِقًا للْعَالم وَلَا يُمكن مَعَ القَوْل بِهِ القَوْل بحدوث الْعَالم وَلَا الرَّد على

<<  <  ج: ص:  >  >>