للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفلاسفة فالمتكلمون الَّذين ابتدعوه وَزَعَمُوا أَنهم بِهِ نصروا الاسلام وردوا بِهِ على أعدائه كالفلاسفة لَا للاسلام نصروا وَلَا لعَدوه كسروا بل كَانَ مَا ابتدعوه مِمَّا افسدوا بِهِ حَقِيقَة الاسلام على من تَبِعَهُمْ فأفسدوا عقله وَدينه واعتدوا بِهِ على من نازعهم من الْمُسلمين وفتحوا لعدو الاسلام بَابا إِلَى مَقْصُوده فان حَقِيقَة قَوْلهم ان الرب لم يكن قَادِرًا وَلَا كَانَ الْكَلَام وَالْفِعْل مُمكنا لَهُ وَلم يزل كَذَلِك دَائِما مُدَّة اَوْ تَقْدِير مُدَّة لَا نِهَايَة لَهَا ثمَّ انه تكلم وَفعل من غير سَبَب اقْتضى ذَلِك وَجعلُوا مَفْعُوله هُوَ فعله وَجعلُوا فعله وارادته بعلة قديمَة أزلية وَالْمَفْعُول مُتَأَخِّرًا وجلوا الْقَادِر يرجح أحد مقدوريه على الآخر بِلَا مُرَجّح وكل هَذَا خلاف الْمَعْقُول الصَّرِيح وَخلاف الْكتاب السّنة وأنكروا صِفَاته ورؤيته وَقَالُوا ورؤيته وَقَالُوا كَلَامه مَخْلُوق وَهُوَ خلاف دين الاسلام وَالَّذين اتَّبَعُوهُمْ وأثبتوا الصِّفَات قَالُوا يُرِيد جَمِيع المرادات بارادة وَاحِدَة وكل كَلَام تكلم بِهِ أَو يتَكَلَّم بِهِ انما هُوَ شَيْء وَاحِد لَا يَتَعَدَّد وَلَا يَتَبَعَّض واذا رُؤِيَ رُؤِيَ لَا بمواجهة وَلَا مُعَاينَة وَإنَّهُ لم يسمع وَلم يرى الاشياء حَتَّى وجدت لم يقم بِهِ انه مَوْجُود بل حَاله قبل ان يسمع ويبصر كحاله بعد ذَلِك الى امثال هَذِه الْأَقْوَال الَّتِي تخَالف الْمَعْقُول الصَّرِيح وَالْمَنْقُول الصَّحِيح ثمَّ لما رَأَتْ الفلاسفة ان هَذَا مبلغ علم هَؤُلَاءِ وان هَذَا هُوَ الاسلام الَّذِي عَلَيْهِ هَؤُلَاءِ علمُوا فَسَاد هَذَا أظهرُوا قَوْلهم بقدم الْعَالم وَاحْتَجُّوا بِأَن تجدّد الْفِعْل بعد ان لم يكن مُمْتَنع بل لَا بُد لكل متجدد من سَبَب حَادث فَيكون الْفِعْل دَائِما ثمَّ ادعوا دَعْوَى كَاذِبَة لم يحسن أُولَئِكَ أَن يبينوا فَسَادهَا وَهُوَ أَنه إِذا كَانَ الْفِعْل دَائِما لزم قدم الأفلاك والعناصر ثمَّ لما أَرَادوا تَقْرِير النُّبُوَّة جعلوها فيضا يفيص على نفس النَّبِي من الْعقل الفعال أَو غَيره من غير ان يكون رب الْعَالمين يعلم

<<  <  ج: ص:  >  >>