جعلت على قَوْلهَا علما ودليلا يعقل السَّامع كَلَامهَا أَنَّهَا تُرِيدُ يَد النِّعْمَة وَلَا تجْعَل كَلَامهَا مشتبها على سامعه وَمن ذَلِك قَول الشَّاعِر ... ناولت زيدا بيَدي عَطِيَّة ... يدبها رمى كتابا مخضب ...
فَدلَّ بِهَذَا القَوْل على يَد الذَّات بالمناولة وبالباء حِين قَالَ بيَدي فَجعل الْبَاء استقصاء للعدد حِين لم يكن لَهُ غير يدين وَقَالَ الآخر حِين أَرَادَ يَد النِّعْمَة ... أشكر يدين لنا عَلَيْك وأنعما ... شكرا يكون مكافيا للمنعم ...
فَدلَّ على يَد النِّعْمَة بقوله لنا عَلَيْك ثمَّ قَالَ وأنعما ثمَّ قَالَ يدين فَجعل النُّون مَكَان الْيَاء لم يستقص بهما الْعدَد فَهَذَا قَول الْعَرَب ومذهبها فِي لغاتها وَالله تَعَالَى لم يسم فِي كِتَابه يدا بِنِعْمَة وَلم يسم نعْمَة يدا سمى سُبْحَانَهُ الْيَد يدا وَالنعْمَة نعْمَة فِي جَمِيع الْقُرْآن فَأَما مَا ذكره سُبْحَانَهُ من يدين وَيَد فقد ذكرت ذَلِك فِي صدر الْكَلَام وَأما النِّعْمَة الَّتِي هِيَ عَن الْيَد فَمن ذَلِك قَوْله {واذْكُرُوا نعْمَة الله عَلَيْكُم} آل عمرَان وَقَوله وَمَا بكم من نعْمَة فَمن الله النَّحْل وَقَوله وَأَتْمَمْت عَلَيْكُم نعمتي الْمَائِدَة وَقَوله {وَإِذ تَقول للَّذي أنعم الله عَلَيْهِ وأنعمت عَلَيْهِ} الْأَحْزَاب فَسمى الله النعم باسم النِّعْمَة وَلم يسمهَا بِغَيْر أسمائها وَمثل هَذَا فِي الْقُرْآن كثير وَذكر الله تَعَالَى أَيدي المخلوقين فسماها بِالْأَيْدِي فَقَالَ تَعَالَى وَلَا تجْعَل يدك مغلولة الى عُنُقك الأسراء وَقَالَ تَعَالَى وَالسَّارِق والسارقة فَاقْطَعُوا أَيْدِيهِمَا الْمَائِدَة وَقَالَ وَالْمَلَائِكَة باسطو أَيْديهم الْأَنْعَام فَهَذِهِ أيد لَا نعْمَة وَذكر نعْمَته على يَد ونعمة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فسماها نعْمَة وَلم يسميها يدا ثمَّ أخبر سُبْحَانَهُ عَن يَدَيْهِ أَنَّهُمَا يدان لَا ثَلَاثَة وَجعل الْبَاء استقصاء للعدد
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute