للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حِين قَالَ {مَا مَنعك أَن تسْجد لما خلقت بيَدي} فَدلَّ على أَنَّهُمَا يَدي الذَّات لَا يتعارف الْعَرَب فِي لغاتها وَلَا أشعارها الا أَن هَاتين الْيَدَيْنِ يَدي الذَّات لاستقصاء الْعدَد بِالْبَاء وَأما نعم الله فَهِيَ أَكثر وَأعظم من أَن تحصر أَو تعد كَمَا قَالَ تَعَالَى {وَإِن تعدوا نعْمَة الله لَا تحصوها} ابراهيم

قَالَ وَاعْلَم رَحِمك الله أَن قَائِل هَذِه الْمقَالة جَاهِل بلغَة الْقُرْآن وبلغة الْعَرَب ومعانيها وكلامها وَذَلِكَ أَن الله إِذا افْتتح الْخَبَر عَن نَفسه بِلَفْظ الْجمع ختم الْكَلَام بِلَفْظ الْجمع واذا افْتتح الْكَلَام بِلَفْظ الْوَاحِد ختم الْكَلَام بِلَفْظ الْوَاحِد وانما يُغني الْخَبَر عَن نَفسه وان كَانَ اللَّفْظ جمعا فَأَما مَا كَانَ من لفظ الْوَاحِد فَهُوَ قَوْله تَعَالَى {وَقضى رَبك أَلا تعبدوا إِلَّا إِيَّاه} الأسراء فَافْتتحَ الْخَبَر عَن نَفسه بِلَفْظ الْوَاحِد وبمثله ختم الْكَلَام فَقَالَ {أَلا تعبدوا إِلَّا إِيَّاه} الاسراء وَقَالَ رب ارحمهما كَمَا ربياني صَغِيرا الأسراء وَقَالَ ربكُم اعْلَم بكم الاسراء وَأما مَا افتتحه بِلَفْظ الْجمع فَهُوَ قَوْله وقضينا الى بني اسرائيل فِي الْكتاب الاسراء فافتتحه بِلَفْظ الْجمع ثمَّ خَتمه بِمثل مَا افتتحه بِهِ فَقَالَ {فَإِذا جَاءَ وعد أولاهما بعثنَا عَلَيْكُم عبادا لنا} الاسراء وَإِنَّمَا عَنى بذلك نَفسه لِأَنَّهَا كلمة ملوكية تَقُولهَا الْعَرَب وَرُوِيَ ان ابْن عَبَّاس لَقِي أَعْرَابِيًا وَمَعَهُ نَاقَة فَقَالَ لمن هَذِه فَقَالَ الْأَعرَابِي فَقَالَ لَهُ ابْن عَبَّاس كم أَنْتُم فَقَالَ أَنا وَاحِد فَقَالَ ابْن عَبَّاس هَكَذَا قَول الله تَعَالَى نَحن وخلقناه وقضينا انما يَعْنِي نَفسه والمبهم يرد الى الْمُحكم فَكل كلمة فِي الْقُرْآن من لفظ جمع قبلهَا مُحكم من التَّوْحِيد ترد اليه فَمن ذَلِك قَوْله {وقضينا إِلَى بني إِسْرَائِيل} الاسراء يرد الى قَوْله وَقضى رَبك الا تعبدوا الا اياه الاسراء وَقَوله {وخلقناكم أَزْوَاجًا} النبأ يرد الى قَوْله انما أمره يس وَقَوله

<<  <  ج: ص:  >  >>