الله عز وجل في غير آية من كتابه على إحياء الموتى بالأرض، تكون حية تنبت وتنمى وتثمر ثم تموت فتصير إلى أن لاّ تنبت، وتبقى خاشعة هامدة، ثم تحيى فتصير إلى أن تنبت وتنمى، وهو الفاعل لحياتها وموتها، ثم حياتها، فإذا قدر على ذلك لم يعجزه أن يميت الإنسان، ويسلبه معاني الحياة، ثم يعيدها إليه، ويجعله كما كان.
ونبّهنا على إحياء النطفة التي هي ميتة، وخلق الحيوان منها على قدرته على إحياء الموتى فقال عز وجل:
فأعلمهم أنّه إذا أخرج النطفة من صلب الأب فهي ميتة، ثمّ انه جلّ ثناؤه جعلها حيّة في رحم الأم، يخلق من يخلق منها، ويركب الحياة فيه فهذه إحياء ميتة في المشاهدة، فمن يقدر على هذا لا يعجز عن أن يميت هذا الخلق، ثمّ يعيده حيّا. ثم بسط هذا المعنى في آية أخرى.
وذلك أن الحب إذا جفّ ويبس بعد انتهاء تمامه، وقع اليأس من ازدياده، فكذلك النّوى إذا تناهى عظمه وجفّ ويبس كانا ميّتين، ثم إنهما إذا أودعا الأرض الحيّة فلقهما الله تعالى، وأخرج منهما ما يشاهد من النخل والزرع حيّا