للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لرضوان الله واتقاء لسخطه سقط عنه الفرض ولم يؤاخذ به في الآخرة ولم يعاقب به التارك ولكنه لا يستوجب به ثوابا إنما ثوابه ثناء الناس عليه في الدنيا ومدحهم إياه بما فعل وإن كان العمل من باب التطوع يفعله يريد به وجوه الناس دون وجه الله تعالى جده فإن [أجره] (١) يحبط ولا يحصل من عمله على شيء يكون له كما حصل الأول على سقوط الفرض عنه ثم يعاقبهما على أنهما عملا لا لوجه الله تعالى وتماما ثواب الله بمحمدة الناس يحتمل وجهين. أحدهما أن يقال أن الذي جاء به الحديث من قول الله عز وجل فقد قيل ذلك اذهبوا به إلى النار إخبار بأن المرائي يعاقب عن عدوله عن قصد وجه الله إلى وجه الناس ومعنى هذا أنه استخف وجه الله واستهان نعمته فلم يجز أن يقصر ذلك عن ذنب غيره والذنوب كلها موجبة للعقاب فكذلك هذا قلت إلا أن يعفو الله. والوجه الآخر أنه لا يعاقب ولا يثاب ومعنى الحديث أن هذه الأعمال التي راياها لا تنفعه فيثقل بها ميزانه ويرجح بها كفة الطاعات كفة المعاصي لا إنه يعاقب على الرياء بالنار إنما عقوبة الرياء إحباط العمل فقط ووجه هذا أنه عمل ما عمل عبادة لله عز وجل إلا أنه أراد بعمله حمد الناس فإذا أحيل عليهم فقد جوزي بصنيعه وليس له وراء ذلك ذنب يستوجب عقابا لأن جميع عمله شيئان أحدهما فعل لم يخل من أن يكون فعله عبادة لله تعالى لأنه لو أراد عبادة غيره لكفر والآخر قصده أن يمدحه الناس بفعله لا أن يثاب عليه. فأما الأول فليس بذنب وأما الثاني فهو الذنب فإذا لم يتب وقصر على قول الناس فقد جوزي فثبت أن ذلك قصارى أمره والله أعلم. قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى: فعلى هذا تأويل الخبر حين أمر به فألقي في النار أن يكون له ذنوب غير ذلك ولم يرجح بهذا الذي عمله رياء كفة الطاعات كفة المعاصي فعوقب بمعاصيه لا بما فعل رياء والله أعلم، والحديث الذي روينا عن أبي بن كعب عن النبي صلّى الله عليه وسلّم وكذلك حديث أنس كالدلالة على هذا الوجه.

٦٨٣٦ - أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان نا أحمد بن عبيد الصفار نا تمام بن محمد بن غالب نا إبراهيم بن عرعرة نا الحارث بن غسان أبو غسان نا أبو عمران الجوني نا أنس عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال:

«يجاء بأعمال بني آدم فيصب بين يدي الله تعالى يوم القيامة في صحف


(١) في ب عبادة.

<<  <  ج: ص:  >  >>