واختلفوا في هذا الاستثناء فروي عن جابر بن عبد الله أنّه قال: موسى فيمن استثنى الله فإنه قد صعق مرّة وهذا لما في الحديث الثابت عن أبي هريرة في قصة المسلم الذي لطم اليهودي حين قال: والذي اصطفى موسى على البشر فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «لا تفضّلوا بين أنبياء الله فإنّه ينفخ في الصّور، فصعق من في السموات ومن في الأرض إلاّ من شاء الله، ثمّ ينفخ فيه أخرى فأكون أوّل من بعث أو في أوّل من بعث فإذا موسى آخذ بالعرش فلا أدري أحوسب بصعقة يوم الطور أم بعث قبلي».
وهذا حديث صحيح.
قال البيهقي رحمه الله ووجهه عندي أنّ نبيّنا صلّى الله عليه وسلّم أخبر عن رؤية جماعة من الأنبياء ليلة المعراج، وإنما يصحّ ذلك على تقدير أنّ الله تعالى ردّ إليهم أرواحهم فهم أحياء عند ربهم، فإذا نفخ في الصور النفخة الأولى صعقوا فيمن صعق ثم لا يكون ذلك موتا في جميع معانيه إلاّ في ذهاب الاستشعار فإن كان موسى ممن استثنى عز وجل بقوله:{إِلاّ مَنْ شاءَ اللهُ} فإنه لا يذهب استشعاره في تلك الحالة والله أعلم.
وروينا عن سعيد بن جبير أنّه قال هم الشهداء ثنية الله عز وجل مقلّدي السيوف حول العرش.
وروي فيه حديث مرفوع عن زيد بن أسلم عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنّه سأل جبريل عليه السّلام عن هذه الآية وقال:«ومن الذين لم يشأ الله عزّ وجلّ أن يصعقوا؟» قال هم شهداء الله عز وجل وهذا لأنّ الله عز وجل أخبر في كتابه: انّهم {أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ}[آل عمران:١٦٩]. فلا يموتون في النفخة الأولى فيمن يموت من الأحياء والله أعلم.
وروينا عن زيد بن أسلم أنه قال:
(الذين استثنى الله عز وجل اثنا عشر جبريل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت وحملة العرش ثمانية).
وذهب الحليمي رحمه الله إلى اختيار قول من قال إنّ الاستثناء لأجل الشهداء، ورواه عن ابن عباس، وحمل قول النبي صلّى الله عليه وسلّم في موسى عليه السّلام