على أنّه لم يدر أبعث قبل غيره من الأنبياء تخصيصا له عليه السلام كما فضل في الدنيا بالتكليم، أو قدّم بعثه على بعث غيره من الأنبياء عليهم السّلام بقدر صعقته عند ما تجلّى ربّه للجبل إلى إن أفاق ليكون هذا جزاء له بها، وليس فيه أن يموت عند النفخة الأولى.
وضعّف قول من زعم الاستثناء لأجل الملائكة الذين سماهم لأنهم ليسوا من سكان السموات والأرض لأن العرش فوق السموات كلها وجبريل وميكائيل من الصافين المسبّحين حول العرش فلم يدخلوا في الآية.
وكذلك لا يدخل فيها الولدان والحور لأنّ الجنّة فوق السموات، والآية في سكان السموات والأرض؛ ثم قد ورد في بعض الآثار: أنه يميت حملة العرش، ويميت جبريل وميكائيل وملك الموت، ثم ينادي لمن الملك اليوم فلا يجبه أحد فيقول هو: لله الواحد القهّار.
وقد روي فيه حديث مرفوع في إسناده ضعف وقد ذكرناه في كتاب «البعث».
وأمّا الجنّة وما فيها من الحور الحيوان فإنّها خلقت للبقاء لا للفناء، وهي دار لذّة وسرور ولم يأتنا خبر بموت من فيها.
فإن قيل: قد قال الله عز وجل:
{كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ}[آل عمران:١٨٥].
{كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلاّ وَجْهَهُ}[القصص:٨٨].
قال الحليمي رحمه الله: بحتمل أن يكون معناه ما من شيء إلاّ وهو قابل للهلاك، فيهلك إن أراد الله به ذلك إلاّ وجهه، أي إلاّ هو فإنّه تعالى جدّه قديم، والقديم لا يجوز عليه الفناء، وما عداه محدث والمحدث إنما يبقى قدر ما يبقيه محدثه فإذا حبس البقاء عني (خطأ) فني. ولم يبلغنا في خبر أنه يهلك العرش ويفنيه فلتكن الجنة مثله والله أعلم.
قال البيهقي رحمه الله ورويناه عن سفيان الثوري انّه قال: في تفسير هذه الآية كلّ شيء هالك إلاّ ما أريد به وجهه.