هذا خبر من النبي صلى الله عليه وسلم يبين فيه سعة هذا الحوض، وأنه في السعة بلغ طوله شهراً وعرضه شهر، فبأي حساب يحسب الشهر، أبسير الإبل أم بسير الطائرات أم بسير الخيول؟ الجواب: الله أعلم، ونقف حيث وقف عليه النص فنقول: طوله شهر وعرضه شهر.
أما معيار الحساب فبعضهم قال: معيار الحساب يرجع فيه إلى الحقيقة العرفية؛ لأنه لم يرد فيه حقيقة شرعية ولا حقيقة لغوية، والحقيقة العرفية في هذا أنهم كانوا يحسبون السير بسير الإبل.
واختلف أهل العلم في الحوض هل هو مستدير أو مربع.
وعندي أن هذا الخلاف لا فائدة منه؛ لأنه لو كان فيه فائدة لبينه النبي صلى الله عليه وسلم، وهل يستفاد من قوله:(طوله شهر وعرضه شهر) الاستدارة أو التربيع؟ الذي يظهر أنه لا يستفاد منه ذلك؛ لأن المراد من قول النبي صلى الله عليه وسلم:(طوله شهر وعرضه شهر) بيان سعة هذا الحوض، وليس المراد بيان هيئته وصفته هل هو مستدير أو مربع.
فعندي أن اللفظ لا يدل على هذا ولا على هذا، إنما المراد بيان عظيم سعة هذا الحوض، وأنه لا يضيق بمن يرد عليه.
قال:[من يشرب منه شربة لا يظمأ بعدها أبداً] .
وهذا من فضل الله عز وجل ورحمته، فمن شرب منه أمن من الظمأ، وكيف يشرب منه؟ الله أعلم كيف يشرب منه، وأما أن يكون الشرب بمناولة النبي صلى الله عليه وسلم، كما يقول بعض الناس: اسقنا شربة من يده الشريفة فهذا ليس فيه دليل، ومن الاعتداء في الدعاء أن تقول هذا القول، فليس هناك دليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي يسقي الناس، وأنه هو الذي يناولهم بيده، فالنصوص أخبرت بأنه يشرب منه، ولم تبين هل الشرب يكون بمباشرة الإنسان بنفسه أو يكون بمناولة أحد.