[عقيدة أهل السنة والجماعة في صفات الله سبحانه وتعالى]
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، وأصلي وأسلم على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين، أما بعد: قال رحمه الله: [ولا يكيفون ولا يمثلون صفاته بصفات خلقه؛ لأنه سبحانه لا سمي له، ولا كفء له، ولا ند له، ولا يقاس بخلقه سبحانه وتعالى، فإنه سبحانه أعلم بنفسه وبغيره، وأصدق قيلاً، وأحسن حديثاً من خلقه.
ثم رسله صادقون مصدقون، بخلاف الذين يقولون عليه ما لا يعلمون؛ ولهذا قال:{سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون َ * وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}[الصافات:١٨٠-١٨٢] فسبح نفسه عما وصفه به المخالفون للرسل، وسلم على المرسلين لسلامة ما قالوه من النقص والعيب، وهو سبحانه قد جمع فيما وصف وسمى به نفسه بين النفي والإثبات، فلا عدول لأهل السنة والجماعة عما جاء به المرسلون، فإنه الصراط المستقيم، صراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين] .
ذكرنا أن التكييف والتمثيل منتف بالكتاب وبالسنة، وبإجماع السلف، والشيخ رحمه الله ذكر علة ذلك، يعني: علة أنه لا يكيف ولا يمثل ما أخبر الله به عن نفسه، فقال:(لأنه سبحانه لا سمي له) ومن أين لنا أنه جل وعلا لا سمي له؟ من قوله سبحانه وتعالى:{هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا}[مريم:٦٥] ، فالاستفهام هنا استفهام نفي، وإنكار أن يكون لله جل وعلا سمي يساميه، ويماثله، ويشابهه سبحانه وتعالى في شيء من أسمائه وصفاته، فنفى عن نفسه أن يكون له سمي.
قال:(ولا كفء له) وذلك في قوله جل وعلا: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ}[الإخلاص:٤] ، (ولا ند له) وذلك في قوله سبحانه وتعالى: {فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}[البقرة:٢٢] ، فنفى عن نفسه سبحانه وتعالى السمي، ونفى عن نفسه الكفء، ونفى عن نفسه الند، ومجموع هذه يفيد نفي النظير والمثيل والعديل والمساوي له سبحانه وتعالى، وإذا كان كذلك فلا سبيل إلى معرفة كنه ما وصف به نفسه، يعني: حقيقة ما وصف به نفسه، ولا سبيل إلى تمثيل شيء مما أثبته لنفسه بما هو ثابت لخلقه.