لماذا قلنا: إنهما يدان وعينان؟ نقول: لأن التثنية اسم عدد مخصوص لا يراد إلا هو، فهو من أسماء الأعداد التي تقصد؛ ولذلك قلنا: إن الله جل وعلا له يدان، وعينان، ولما جاءت صيغة التثنية علمنا أنه سبحانه وتعالى موصوف بهذه الصفة، وأن له منها اثنين، فله يدان وعينان جل وعلا، وأبعد عن ذهنك أو عقلك كل تشبيه أو تمثيل، واعلم أن ربك أعظم مما يدور في خيالك، واستحضر قوله:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ}[الشورى:١١] ، والمبتدعة يسمون أهل السنة والجماعة الذين يثبتون ما أثبتته النصوص: حشوية، مجسمة، نوابت، مشبهة، وهلم جراً من هذه الأسماء التي يريدون بها صرف الناس عن إثبات ما أثبته الله لنفسه في كتابه وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
واعلم أن ألفاظ هذه الصفات لابد من إثباتها، كما دلت عليه الأدلة، لكن من الألفاظ ما قد يستفاد منه معنىً آخر وهو معنى ثابت، لكن هذا المعنى الثابت لا يعود على الصفة بالإفراد، فمثلاً قوله تعالى:{وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي}[طه:٣٩] ، هذا من حيث دلالة اللفظ يدل على ثبوت صفة العين لله عز وجل، ومن لازم هذه الصفة عنايته سبحانه وتعالى بموسى عليه السلام ورحمته به، فهم أثبتوا اللازم وعطلوا ما دل عليه اللفظ بدلالة التضمن أو المطابقة، فينبغي أن يعلم أن ما دلت عليه الألفاظ لابد من إثبات مدلول هذا اللفظ، وإثبات لازمه.
ومن المعلوم أن دلالات الألفاظ منها ما هو دلالة مطابقة، ومنها ما هو دلالة تضمن، ومنها ما هو دلالة التزام أو دلالة لازم، ودلالة اللازم تختلف باختلاف أفهام الناس وأذهانهم، فهم عمدوا إلى دلالة المطابقة ودلالة التضمن وألغوهما، فقالوا: لا نثبت لله صفة العين، والمراد بالعين العناية، فأثبتوا اللازم وعطلوا مقتضى اللفظ، وهذا من تحريفهم وعدم تسليمهم بالنصوص.