ضل في صفة الرحمة أقوام فقالوا: إن الله لا يوصف بالرحمة، وهم الجهمية وبعض مثبتة الصفات، قالوا: لأن الرحمة رقة، فبماذا عرفوا الرحمة، وبماذا أولوها والكتاب من فاتحته ومروراً بكل سورة تفتتح بهذين الاسمين الكريمين إلا سورة براءة؟ أولوها فقالوا: إن كان المراد الوصف القائم بالذات فهو إرادة الخير، وإن كان المراد ما يصل إلى المخلوق من هذه الرحمة فالمراد به إرادة الإحسان، المهم أنهم أولوا هذه الصفة بالإرادة كالمحبة، وهذا من ضلالهم وعدم تسليمهم بالنصوص.
يقول رحمه الله: وقوله: بسم الله الرحمن الرحيم، وقوله:{رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً}[غافر:٧] ، وهذا فيه إثبات سعة رحمة الله جل وعلا، وأنها وسعت كل شيء.
قوله:{وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً}[الأحزاب:٤٣] ، هذا فيه تخصيص المؤمنين بالرحمة؛ لأنهم أهلها المستحقون لها.
وقوله:{وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ}[الأعراف:١٥٦] هذا فيه إثبات أن رحمة الله وسعت كل شيء، حتى أهل الكفر فإن رحمته سبحانه وتعالى قد وسعتهم.
وقوله:{وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}[يونس:١٠٧] هذا فيه إثبات صفة الرحمة له.
وقوله:{فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ}[يوسف:٦٤] ، فيه أنه سبحانه وتعالى موصوف بمنتهى وغاية ما يوصف به شيء من رحمته سبحانه وتعالى، فرحمته بلغت المنتهى، فلا مثيل ولا نظير له فيها كسائر ما وصفه به نفسه سبحانه وتعالى.