المشار إليه في مساوئهم، يعني: الآثار المروية فيما شجر بين الصحابة رضي الله عنهم، والتي هي في مساوئ الصحابة، والمساوئ هي: ما يعاب عليه الإنسان من السيئات والنقائص.
قال:[منها ما هو كذب، ومنها ما قد زيد فيه ونقص، وغير عن وجهه] .
هذا الاحتمال الثالث، منها ما هو كذب، والكذب مخالفة الواقع، يعني: لم يقع، ومنها ما وقع لكن زيد فيه أو نقص منه، زيد فيه ما لم يقع مما هو ذم لهم، ونقص منه ما يجعل القارئ المطالع لهذه الآثار يذمهم، والثالث من هذه الآثار: غير عن وجهه، أي أنه: لم ينقل نقلاً سليماً، ولم يفهم فهماً صحيحاً، فالتغيير هنا نظير التحريف، وهو تحريف الكلم عن مواضعه، بأن يحمل ما لا يحتمل، ويؤول ويوجه على غير وجهه؛ ولذلك قال: وغير عن وجهه يعني: عن مساقه الذي وقع فيه، فقد تنقل القصة وهي واقعة حقيقية نقلاً على وجه يلحق الذم بعض من في القصة.
فإذا كانت هذه هي الآثار المروية عنهم: إما كذب، وإما زيد فيه، ونقص منه، وإما غير عن وجهه؛ فهذا مما يزهد المؤمن في النظر في هذه القصص وهذه الآثار، هذا قسم.
والقسم الثاني: الصحيح منه ما حاله؟ قال:[والصحيح منه هم فيه معذورون] .
وجه عذرهم هو أنهم:[إما مجتهدون مصيبون، وإما مجتهدون مخطئون] ، فهم مجتهدون رضي الله عنهم، فلا يخلو الأمر أن يكونوا مجتهدين مصيبين، أو مجتهدين مخطئين، فالذي أصاب له أجران، والذي أخطأ له أجر، وإذا كان كذلك فلا حاجة إلى الخوض في خبر ما وقع بينهم رضي الله عنهم؛ لأننا نعلم أن ما كان منهم إنما هو باجتهاد وطلب للحق.