للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الفرق بين اسمي (الرحمن والرحيم)]

والفرق بين الرحمن والرحيم فيه عدة أقوال، وأصح ذلك وأقربه إلى الصواب: أن الرحمن يتعلق بالصفة القائمة بالذات، والرحيم يتعلق بإيصال الرحمة إلى الخلق، فالفارق بينهما: أن الرحمن دلالته على الصفة القائمة بالرب، والرحيم دلالته على فعله سبحانه وتعالى، وهو إيصال الرحمة، ودليل ذلك أنه سبحانه وتعالى قال: {وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً} [الأحزاب:٤٣] ، فلما ذكر إيصال الرحمة ذكر هذا الاسم وهو الرحيم، ولما ذكر المؤمنين قال: {إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة:١١٧] ، فأثبت الرحمة التي تصل لعباده.

هذا إذا اقترنا، أما إذا جاء ذكر الاسم مستقلاً فإنه يدل على صفة الذات وصفة الفعل، وكذلك مما يدل على التفريق: أنه لما ذكر الله سبحانه وتعالى الفعل الذي يقوم به قال: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه:٥] ، ولم يرد: (إنه كان بهم رحمان) أو ما أشبه ذلك، وهذا مما يقرر ويؤكد هذا الفرق، وقد تكلم ابن القيم رحمه الله في بدائع الفوائد على الأقوال في التفريق بين هذين الاسمين العظيمين، وانتهى إلى هذه النتيجة، وهو أن الرحمن ألصق بما يقوم بالرب سبحانه وتعالى من صفة، والرحيم يوصف به إيصال الفعل إلى المرحوم.

والرحمن من حيث الاشتقاق اللغوي على وزن فعلان، وهي تدل على كثرة الرحمة وسعتها، والرحيم فعيل بمعنى فاعل، أي: راحم، وهو يدل أيضاً على كثرة رحمة الله عز وجل، لكن اسم الرحمن أبلغ وأوضح في كثرة الرحمة.

ومن الفروق بين الاثنين أيضاً: أن الرحمن اسم خاص لا يسمى به إلا الله جل وعلا، أما الرحيم فإنه يسمى ويوصف به غيره، كما قال الله جل وعلا في وصف النبي صلى الله عليه وسلم: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة:١٢٨] .

<<  <  ج: ص:  >  >>