ثم قال:{مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}[المجادلة:٧] هذه أيضاً فيها إثبات المعية العامة، والتي مقتضاها إحاطة علمه سبحانه وتعالى بما عليه الخلق، وبما عليه الناس، مهما كثروا أو قلوا.
ثم قال في قوله:{لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا}[التوبة:٤٠] هذه معية خاصة، وهي غير المعية السابقة، ووجه كونها غير المعية السابقة أن المعية السابقة ثابتة للنبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وخصومهما، والمعية هنا ليست تلك التي تكون لكل الخلق، إنما هي معية خاصة، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لـ أبي بكر:{لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا}[التوبة:٤٠] ، يعني: أنا وأنت لا خصومنا، فالله ليس مع خصومه -وهم كفار مكة الذين كانوا يطلبونه- فكانت معية خاصة، وما الذي أفادت هذه المعية هنا؟ أفادت تأييد الله سبحانه وتعالى لرسوله، ونصره له سبحانه وتعالى، وحفظه للنبي صلى الله عليه وسلم.
ثم قال:{إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى}[طه:٤٦] ، هذه أيضاً معية خاصة، وهي لموسى وهارون دون فرعون ومن معه.
وقال:{إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ}[النحل:١٢٨] ، هذه معية خاصة بوصف، ما هو الوصف؟ التقوى والإحسان، وهي غير المعية العامة الثابتة في الآيتين المتقدمتين.
كذلك قوله: (وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [الأنفال:٤٦] ، هذه معية بالوصف وهي صفة الصبر، وقوله: (كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} [البقرة:٢٤٩] كذلك، هذه فيها المعية الخاصة.