قوله:[ومنكروه اليوم قليل] أي: في زمنه رحمه الله، وهم قليل من قبل زمنه، وذلك أن القدرية أول ما خرجوا كانوا يقولون: إن الأمر أنف، يعني: مستأنف، وإن الله سبحانه وتعالى لم يقدر الأقدار قبل الخلق بل هو سبحانه وتعالى عالم بما الخلق، عاملون بعد وجود أعمالهم، أما قبل وجود العمل فلا علم له بما يكون، وبعضهم قال: إن العلم هو العلم الكلي، وهذا قول الفلاسفة، أما غلاة القدرية فإنهم نفوا أن يكون الله سبحانه وتعالى عالماً بأعمال العباد قبل خلقها، فنفوا العلم والكتابة عن الله سبحانه وتعالى.
ثم إن أهل السنة والجماعة وعلى رأسهم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم: ابن عمر، وابن عباس، وواثلة بن الأسقع وغيرهم من الصحابة ناظروا هؤلاء، وبينوا لهم خطأ قولهم، وضلال مذهبهم، وأن بل مذهبهم كفر وتكذيب بالقرآن الكريم؛ لأن من لم يؤمن بالقدر فقد أنكر التوحيد؛ ولذلك سمي هؤلاء مجوس الأمة؛ لأنهم لم يفردوا الله سبحانه وتعالى بتوحيد الربوبية، فوقع عندهم الشرك في توحيد الربوبية، فلما نوقشوا رجع منهم طائفة، وأصبح أكثر الناس يقرون بالعلم السابق والكتابة، ويناقشون ويجادلون في المرتبتين الأخريين، وهما مرتبتا المشيئة والخلق.