ثم ختم هذا الفصل بخاتمة بديعة تبين عظيم سلامة قلوب أهل السنة والجماعة على أصحاب رسول الله، وطريق الوصول إلى ذلك، فهو نتيجة ووسيلة، نتيجة للطريق، ووسيلة لتحصيل النتيجة، قال:[ومن نظر في سيرة القوم] فمن أراد أن يطيب قلبه على أصحاب رسول الله فلينظر في سيرة القوم: [من نظر في سيرة القوم -لكن انظر- بعلم وبصيرة] العلم: ضد الجهل، والبصيرة: هو العمق في العلم، والتدقيق في النظر، وهو أن ينفذ بصر الإنسان في هذا المقروء، وهي منة من الله عز وجل يهبها العبد، وفرقان يفرق به بين الحق والباطل، فليس العلم بكثرة الرواية، إنما العلم بأن يلقى في قلب العبد نور يستبصر به، ويرى به الحق حقاً، والباطل باطلاً.
قال:[من نظر في سيرة القوم بعلم وبصيرة، وما من الله عليهم به من الفضائل؛ علم يقيناً أنهم خير الخلق بعد الأنبياء رضي الله عنهم] ، فهم خير الخلق بعد الأنبياء، أي: خير من أصحاب موسى، وخير من أصحاب إبراهيم، وخير من أصحاب عيسى، وخير من أصحاب نوح، هم خير الخلق بعد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام؛ ولذلك كانت هذه الأمة صاحبة السبق والفضل في الدنيا والآخرة.
قال:[ما كان ولا يكون مثلهم] .
كان هنا تامة، يعني: لا وجد ولا يوجد مثلهم، لا وجد في الزمن المتقدم عليهم، ولا يوجد في الزمن اللاحق لهم مثلهم رضي الله عنهم، فهم الصفوة من قرون هذه الأمة التي هي خير الأمم، وأكرمها على الله جل شأنه.