م/ أو لمن فارقها وزوجها في الحياة وهي حامل لقوله تعالى (وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ).
أي: ومما يجب لها النفقة المطلقة البائن [بفسخ أو طلاق] وهي حامل، لقوله تعالى (وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ).
قال ابن عبد البر: فإن كانت المبتوتة حاملاً فالنفقة لها بإجماع العلماء.
قال القرطبي: لا خلاف بين العلماء في وجوب النفقة والسكنى للحامل المطلقة ثلاثاً، أو أقل منهن حتى تضع حملها.
• وقد اختلف العلماء هل النفقة للحمل أو النفقة لها من أجل الحمل؟
والراجح أن النفقة للحمل ولها من أجله، لكونها حاملاً بولده، فهي نفقة عليه لا عليها لكونها زوجة، وعلى هذا القول تجب النفقة ولو كانت الزوجة ناشزاً، لأنه ولده فلزمته نفقته.
• ومفهوم كلامه أن المطلقة البائن غير الحامل لا نفقة لها، وهذه المسألة اختلف العلماء فيها على ثلاثة أقوال:
القول الأول: لا نفقة لها ولا سكنى.
وهذا مذهب الإمام أحمد، وهذا القول هو الصحيح.
عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ (أَنَّ أَبَا عَمْرِو بْنَ حَفْصٍ طَلَّقَهَا الْبَتَّةَ، وَهُوَ غَائِبٌ) وَفِي رِوَايَةٍ (طَلَّقَهَا ثَلاثاً - فَأَرْسَلَ إلَيْهَا وَكِيلَهُ بِشَعِيرٍ، فَسَخِطَتْهُ. فَقَالَ: وَاَللَّهِ مَا لَكِ عَلَيْنَا مِنْ شَيْءٍ: فَجَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: [لَيْسَ لَكِ عَلَيْهِ نَفَقَةٌ وَلا سُكْنَى] فَأَمَرَهَا أَنْ تَعْتَدَّ فِي بَيْتِ أُمِّ شَرِيكٍ، ثُمَّ قَالَ: تِلْكَ امْرَأَةٌ يَغْشَاهَا أَصْحَابِي، اعْتَدِّي عِنْدَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ. فَإِنَّهُ رَجُلٌ أَعْمَى، تَضَعِينَ ثِيَابَكِ، فَإِذَا حَلَلْتِ فَآذِنِينِي. قَالَتْ: فَلَمَّا حَلَلْتُ ذَكَرْتُ لَهُ: أَنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ وَأَبَا جَهْمٍ خَطَبَانِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: أَمَّا أَبُو جَهْمٍ: فَلا يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ عَاتِقِهِ. وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ: فَصُعْلُوكٌ لا مَالَ لَهُ، انْكِحِي أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، فَكَرِهَتْهُ ثُمَّ قَالَ: انْكِحِي أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، فَنَكَحَتْهُ. فَجَعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً، وَاغْتَبَطَتْ بِهِ) متفق عليه.
فهذا الحديث نص في الباب.
القول الثاني: لها السكنى دون النفقة.
وهذا قول عائشة وهو مذهب عائشة وفقهاء المدينة السبعة.
واستدلوا بقوله تعالى (أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُم).
لكن هذا القول ضعيف، لأن الآية جاءت في حكم الرجعية لا في حكم البائن، ويوضح ذلك قوله تعالى (لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً)، وإحداث الأمر معناه تغيره نحو الزوجة ورغبته فيها في زمن العدة، وهو مستحيل في البائن.
القول الثالث: لها النفقة والسكنى.
وهذا مذهب أبي حنيفة، وهذا القول ضعيف.