للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

م/ عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (إذَا أَرْسَلْتَ كَلْبَكَ المُعَلَّم فَاذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ، فَإِنْ أَمْسَكَ عَلَيْكَ فَأَدْرَكْتَهُ حَيّاً فَاذْبَحْهُ، وَإِنْ أَدْرَكْتَهُ قَدْ قَتَلَ وَلَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ فَكُلْهُ.

وإن وجدت مع كلبك كلباً غيره وقد قتله فلا تأكل، فإنك لا تدري أيهما قتله؟

وإن رَمَيْتَ بسَهْمِكَ فَاذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ، وَفِيهِ ((وَإِنْ غَابَ عَنْكَ يَوْماً أَوْ يَوْمَيْنِ)).

وَفِي رِوَايَةٍ ((الْيَوْمَيْنِ وَالثَّلاثَةَ فَلَمْ تَجِدْ فِيهِ إلاَّ أَثَرَ سَهْمِكَ فَكُلْ إنْ شِئْتَ، فَإِنْ وَجَدْتَهُ غَرِيقاً فِي الْمَاءِ فَلا تَأْكُلْ، فَإِنَّكَ لا تَدْرِي: الْمَاءُ قَتَلَهُ، أَوْ سَهْمُكَ؟) متفق عليه.

هذا الحديث فيه فوائد:

• الحديث دليل على جواز الصيد.

والصيد: هو اقتناص حيوان حلال متوحش طبعاً غير مقدور عليه.

والصيد له ثلاث حالات:

الأولى: يباح إذا قصد منه دفع الحاجة والانتفاع بلحمه.

الثانية: يكره إذا كان القصد منه التلهي به واللعب والمفاخرة.

لأنه يشغل عما هو أنفع منه من الأعمال الدينية والدنيوية.

الثالثة: يحرم إذا ترتب عليه ظلم للناس بالعدوان على زروعهم وبساتينهم وأموالهم.

فإن قيل: ما الجواب عن حديث: (من اتبع الصيد غفل). رواه الترمذي

فالجواب: المراد الإكثار منه حتى يشغله.

• قوله (فذكرت اسم الله) دليل على مشروعية التسمية عند الصيد (لابد أن تكون التسمية مقارنة للإرسال).

قال النووي: وقد أجمع المسلمون على التسمية عند الإرسال.

واختلفوا في حكمها: وقد سبقت المسألة.

• قوله (إذا أرسلت) فيه أنه يشترط أن يكون الصائد له عقل يميز.

فمن شروط الصيد: أن يكون الصائد من أهل الذكاة، وذلك بأن يتوفر فيه الشرطان: (العقل والدين).

فالعقل يعني به أن يكون مخيراً غير سكران ولا مجنون، لأنه لا قصد لهما (وكذلك إذا كان طفل دون التمييز).

والدين يعني به أن يكون مسلماً أو كتابياً، فلا يحل صيد الوثني والمجوسي والمرتد.

• قوله (كلبك) فيه نوع من أنواع آلة الصيد، وآلة الصيد نوعان:

أولاً: ما يرمى به الصيد من كل محدد.

كالرماح والسيوف والسهام وما جرى مجراها مما يجرح بحده كرصاص البنادق اليوم.

ثانياً: الجوارح، وهي الكواسر من السباع، كالكلاب والطير.

لقوله: (يَسْأَلونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ).

(وهو نوعان: ما يصيد بنابه: كالكلب والفهد، وما يصيد بمخلبه: الصقر والبازي).

• قوله (كلابك المعلمة) فيه دليل أنه يشترط في إباحة صيد الكلب أن يكون معلماً، وهذا الشرط لا خلاف فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>