أراد المصنف - رحمه الله - هنا أن يبين ما يُنزّل عليه القَسم، فيرجع في تحديد المراد منه إلى نية الحالف، لكن بشرط أن يحتملها اللفظ.
والدليل قوله تعالى (ولَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ).
وقال -صلى الله عليه وسلم- (إنما الأعمال بالنيات) متفق عليه.
لكن بشرط أن يحتملها اللفظ، بأن يكون هذا اللفظ يمكن أن يراد به ما نواه الحالف، فإن لم يمكن لم يقبل.
مثال ما يحتمله اللفظ:
والله لا أنام الليلة إلا على فراش ليّن، فخرج وذهب ونام في الصحراء على الرمل، فلما قيل له: كفّر، قال: لا أكفر، لأني نويت بالفراش الأرض، فهنا يصح، لأن اللفظ يحتمله، قال تعالى (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشاً) والرمل لين، فلا شيء عليه.
مثال آخر: قال: والله لأبيتنّ اليلة على وتد، فذهب إلى جبل وبات عليه، فقلنا له: كفّر، فقال: لقد بت على الوتد، وقد أردت بالوتد الجبل، فهنا لا شيء عليه لأن اللفظ يحتمله.
ومثله: لو نوى بالسقف السماء ونحو ذلك، قدمت نيته على عموم لفظه. لو حلف ألا ينام إلا تحت سقف، ثم خرج إلى البر ووضع فراشه ونام، وليس فوقه إلا السماء، فقيل له: عليك أن تكفر، لأنك لم تنم تحت سقف، فقال: أردت السماء، فهذا يصح لقوله تعالى (وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً).
• أما إذا كان اللفظ لا يحتمله فلا يقبل:
مثال: قال: والله لا أشتري اليوم خبزاً، فذهب واشترى خبزاً، فقيل له: كفر عن يمينك، فقال: لا، لأني أردت بقولي: والله لا أشتري اليوم خبزاً، يعني والله لا أكلم فلاناً، فهذا لا يصح، لأن اللفظ لا يحتمله.