للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

م/ كون القاتل مكلفاً.

هذا الشرط الأول: أن يكون القاتل مكلفاً (عاقلاً بالغاً).

لقوله -صلى الله عليه وسلم- (رفع القلم عن ثلاثة: عن الصبي حتى يبلغ، وعن المجنون حتى يفيق .. ).

وأما الصبي والمجنون فحكم قتلهما قتل خطأ لأن عمدهما خطأ لكونهما لا يصح منهما قصد صحيح.

• اختلف العلماء في حكم جناية السكران على قولين:

القول الأول: أنه يقتص منه.

وهذا قول الجمهور.

أن الصحابة أقاموا سكره مقام قذفه، فأوجبوا عليه حد القذف، فقد جاء في الموطأ (أن عمر استشار الناس في شأن شارب الخمر فقال علي: يا أمير المؤمنين، إن الشارب إذا سكر هذي، وإذا هذي افترى وحد المفتري ثمانون جلدة، أرى أن تجلده ثمانين جلدة، فأعجب ذلك عمر وجعل عقوبته ثمانين جلدة) فإذا وجب حد القذف على الشارب فالقصاص المتمحض حق آدمي أولى.

ولأن في ذلك سداً للذريعة، إذ لو لم يجب القصاص والحد لأفضَى إلى أن من أراد أن يعصي الله شرب ما يسكره ثم قتل وزنى وسرق ولا يلزمه عقوبة، فيصير عصيانه سبباً لسقوط العقوبة عنه.

القول الثاني: أنه لا يقتص منه.

وهذا وجه في مذهب الحنابلة.

قياساً على المجنون، فإن كلاً منهما زائل العقل.

ولما ثبت في صحيح البخاري (أن حمزة قال للنبي -صلى الله عليه وسلم- وهو ثمل: وهل أنتم إلا عبيد أبي) ولم يقم النبي -صلى الله عليه وسلم- عليه حد الردة.

والراجح القول الأول.

وأما قياسه على المجنون، فهذا قياس مع الفارق، فإن السكران فقد عقله باختياره عصياناً بخلاف المجنون.

وأما قصة حمزة، فهذا كان قبل تحريم الخمر، فلا يصح الاستدلال به، وبأنه قول والقتل فعل، والفعل أشد.

<<  <  ج: ص:  >  >>