م/ والمحصن: هو الحر البالغ المسلم العاقل العفيف.
ذكر المصنف - رحمه الله - تعريف المحصن، الذي يجب بقذفه الجلد ٨٠ جلدة.
فهو:
الحر: فلو قذف عبداً فلا حد عليه، لأن الإحصان يطلق على الحرية كما في قوله تعالى (فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ) أي: الحرائر، فالرقيق ليس محصناً بهذا المعنى على قول الجمهور، وقالت الظاهرية: يقام الحد على قاذف العبد لعموم قوله -صلى الله عليه وسلم- (إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام) ولم يفرق في ذلك بين الحر والعبد.
البالغ: بأن يكون المقذوف بالغاً، فإن كان صبياً لم يجب الحد على القاذف وإنما يعزّر، لأن زنا الصبي لا يوجب عليه الحد فلا يجب الحد بالقذف كزنا المجنون، وقيل: لا يشترط البلوغ، وهذا قول مالك، لأنه حر عاقل عفيف يتعيّر بهذا القول الممكن صدقه فأشبه الكبير، والأول أظهر، وهو أن من قذف غير بالغ لا يُحد، ولكنه يعزر.
المسلم: فالكافر ليس بمحصن، فمن أشرك بالله فلا حد على قاذفه على قول الجمهور.
أ- لقوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ).
ب- ولأنه لا يتورع عن الزنا، إذ ليس هناك ما يردعه عن ارتكاب الفاحشة.
ج- ولأن عِرْض الكافر لا حرمة له، كالفاسق المعلن لا حرمة لعرضه، بل الكافر أولى، لزيادة الكفر على المعلن بالفسق، فلو قذف كافراً فلا حد عليه.
العاقل: بأن يكون المقذوف عاقلاً، فإن كان مجنوناً لم يجب الحد على القاذف ولكنه يعزز.
العفيف: أي: أن يكون عفيفاً عن الزنا لقوله تعالى (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ) أي: العفيفات عن الزنا، وقال تعالى (وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا) أي: عفت.
فمن قذف المعروف بفجوره أو المشتهر بالعبث والمجون فلا يحد، لأن القذف إنما شرع لحفظ كرامة الإنسان الفاضل، ولا كرامة للفاسق الماجن، لكن كما سبق في قذف غير المحصن التعزير.
أمثلة: مكلف قذف صغيراً فلا حد عليه، امرأة بالغة قذفت رجلاً بالغاً فإنه يقام عليها الحد، حر قذف عبداً فلا يقام عليه الحد، مكلف عاقل قذف مجنوناً فلا يقام عليه الحد.