. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
القول الثاني: أن جاحد العارية لا قطع عليه.
وهذا مذهب جمهور العلماء: المالكية، والحنفية، والشافعية، واختاره ابن قدامة.
أ- لحديث جابر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ليس على خائن ولا منتهب ولا مختلس قطع). رواه أبو داود
وجاحد العارية خائن للأمانة فلا قطع عليه.
ب- أن شرط السرقة الأخذ من الحرز وهتكه، وليس في جحد العارية هتك لحرز فلا قطع عليه.
ج- أن جاحد العارية غير السارق في المعنى، لأن السارق يأخذ المال خفية بخلاف الجاحد، فإنه مؤتمن خائن لأمانته، والقطع واجب على السارق لا على الجاحد.
وأجابوا على رواية: (كانت تستعير المتاع فتجحده) بأجوبة:
أن هذه المرأة لم تقطع لجحدها العارية، وإنما قطعت لكونها قد سرقت، ويدل على ذلك أمران:
أولاً: الروايات الأخرى: (أن قريشاً أهمتهم المرأة المخزومية التي سرقت … ).
ثانياً: أن الروايات في قصة المخزومية قد عللت سبب قطعها بالسرقة، فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: (إنما أهلك من كان قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم … وقال: لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها)، فهذا دليل على أن قطعها كان لسرقتها.
o أن الرواية التي فيها استعارتها للمتاع، وجحدها له، هذا لأنها كانت معروفة بهذه الصفة فسميت بها في هذه الرواية.
قال القرطبي: يترجح أن يدها قطعت على السرقة لا لأجل جحد العارية من أوجه: أحدها: قوله في آخر الحديث التي ذكرت فيه العارية: (لولا أن فاطمة سرقت) فإن فيه دلالة قاطعة على أن المرأة قطعت في السرقة، إذ لو كان قطعها لأجل الجحد لكان ذكر السرقة لاغياً، ولقال: لو أن فاطمة جحدت العارية.
o أن رواية (القطع في العارية) ضعيفة. [لكن هذا فيه نظر].
والراجح القول الثاني.