م/ فمن ادعى مالاً ونحوه فعليه البينة إما شاهدان أو رجل وامرأتان أو رجل ويمين المدَّعَى لقوله تعالى تعالى (وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ) وقد قضى النبي -صلى الله عليه وسلم- بالشاهد مع اليمين) وهو حديث صحيح.
أي: أن من ادعى مالاً ونحوه على شخص فعليه البينة (أي: يطالب أن يقيم المطالب الدليل على صدقه ويُظهر الحجة) وهي البينة، وهي كما قال المصنف - رحمه الله - إما شاهدان أو رجل وامرأتان أو رجل ويمين المدعي، وسبق الحكمة في كون البينة على المدعي: لأنه يدعي أمراً خفياً بحاجة إلى إظهار، والبينة دليل قوي لإظهار ذلك.
ففي الأموال وما يقصد به المال كالبيع والأجل: رجلان أو رجل وامرأتان.
• ويجوز بشاهد مع يمين المدعي للحديث الذي ذكره المصنف (قضى النبي -صلى الله عليه وسلم- بالشاهد مع اليمين).
وهذا مذهب جمهور العلماء: أن القاضي يقضي بالشاهد واليمين (مالك والشافعي وأحمد) وقضى به عدد من الصحابة ومنهم الخلفاء الأربعة.
وذهب بعض العلماء إلى أنه لا يقبل القضاء بالشاهد واليمين وهذا مذهب أبي حنيفة وأصحابه وهو قول الشعبي والنخعي والأوزاعي.
واستدلوا بقوله تعالى (وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ) فهذه الآية نص صريح في اشتراط عدد الشهود.
واستدلوا بحديث (البينة على المدعي … ) فهذا الحديث يبين أن اليمين على المدعى عليه، وأنتم تجعلون اليمين على المدعي، وهذا مخالفة لهذا الحديث.
واستدلوا بحديث الأشعث (أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال له: شاهداك أو يمينه، ليس لك إلا ذاك). فالنبي -صلى الله عليه وسلم- نفى أن يستحق المدعي شيئاً بغير الشاهدين، فدل على أنه لا يحكم للمدعي بيمينه مع شاهده.